العالم الأكبر العقل وقد انطوى بك ومن العالم المطوي فيك يظهر لك جرمك الذي استصغرته إذ لولا وصول جرمك إلى الغاية التي تحيط بذلك العالم الأكبر وتليق له لما صار محلا للعالم المذكور فخذ بالهمة العلية على مقدار ما بلغه جرم هيكلك من الإحاطة بالعالم الأكبر الذي يمتد شعاع مادته إلى كل مقام وتنتهي بوارق رسله إلى كل حيطة وتشق عزائم مداركه صف كل معمعة وتبلغ نجاب فكرته إلى كل حضرة به الله يعطي ويمنع ويصل ويقطع ويفرق ويجمع ويضع ويرفع وعليه جعل مدار الأكوان وهو أول مخلوق من المواد الكبرى الآدمية
أنبأنا الحبيب الكريم والسيد العظيم ( إن أول ما خلق الله العقل )
فإذا علمتم ما انطوى فيكم عظمتم شأن ذواتكم واحتفلتم بإعلاء شرف صفاتكم حتى تسمو عن منزلة الحجاب بالقوة بالجمال بالمال بالأهل بالعشيرة بالمنصب بالرياسة
قال إمامنا الشافعي رضي الله عنه
( وكل رياسة من غير علم
أذل من الجلوس على الكناسة )
منزلة العقل والعلم
العقل عاقل العلم لا يتم شرف العلم للمخلوق إلا بالعقل قال جماعة بإعلاء قدر العلم على العقل ولكن ذلك بالنسبة إلى الله لأن العلم صفته تعالى والعقل صفة المخلوق وأما بالنسبة إلى علمنا وعقلنا فعقلنا أجل مرتبة وأرفع منزلة من علمنا إذ لولا العقل لما تم لنا العلم
العاقل يكبو ويصرع ولكن يؤمل له النجاح ويرجى له الخير
صفحه ۵۶