كل تعليم وكل تعلم ذهنى إنما يكون من معرفة متقدمة الوجود. وهذا يكون لنا ظاهرا، إذا ما نحن نظرنا فى جميعها: وذلك أن العلوم التعليمية بهذا النحو تحصل عندنا، وكل واحدة من تلك الصناعات الأخر. وعلى هذا المثال يجرى الأمر فى الأقاويل أيضا، أعنى التى تكون بالمقاييس والتى تكون باستقراء؛ فإن كلا العلمين إنما يجعلان التعليم بأشياء متقدمة المعرفة: فبعضها يقتضب اقتضابا على 〈أساس: إما أن الخصوم〉 فهموا، وبعضها يبين الكلى من قبل ظهور الجزئى. — وكذلك تقنع 〈الحجج〉 الخطبية، وذلك أنها إما أن تقنع بالأمثلة — وهذا هو الاستقراء، وإما بالأ〈نثومميا أى القياس الإضمارى، وهو〉 أيضا قياس. وقد تجب ضرورة ما يقدم فيعرف على جهتين: فبع〈ضها تحتاج من〉 الضرورة إلى أن تتقدم فتتصور أنها موجودة، وبعضها الأولى أن نفهم فيها على ماذا يدل القول. وبعض الأشياء قد تدعو الضرورة إلى أن يتقدم فيعرف من أمرها كلا الصنفين. مثال ذلك أن فى كل شىء قد يصدق إما الموجبة وإما السالبة، فإنه موجود؛ وأما فى المثلث فإنه يعرف أنه يدل على هذا الشىء؛ وأما فى الوحدة فكلا الصنفين: أعنى على ماذا يدل وأنها موجودة. وذلك أن كل واحد من هذه ليس هو معروفا لنا على مثال واحد.
صفحه ۳۱۰