برهان در راه‌های بیان

ابن وهب الکاتب d. 335 AH
176

برهان در راه‌های بیان

البرهان في وجوه البيان

ژانرها

وأما الاستعتاب: فإن المنفعة به بينة في تلافي من تريد تلافيه واستصلاح من لك رأي فيه، فإنك متى تركت صديقك للذنب بذنبه، أو للجرم بجرمه، ولم تعاقبه على ذنبه، ولم تؤنبه بجرمه بقيت بلا صديق، لأنك لا تجد أحدا ممن تصاحبه بعده، أو ممن يتعاض به منه إلا ولا بد # أن تأتي بمثل فعله لك، لما في جبلات الناس من الخلاف، وقلة المراقبة في ذلك يقول الشاعر:

(وكنت إذا الصديق اراد هجري ... وأشرقني على حنق بربقي)

(غفرت ذنوبه وصفحت عنه ... مخافة أن أكون بلا صديق)

وأعلم أن من طلب عيبا وجده، ومن أراد السالم من العيوب فقده ولابد للإنسان من الناس، وقد قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: العاجز من عجز عن اتخاذ الأصدقاء، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وأكمل الأصدقاء أقلهم عيوبا، وأشدهم مؤالفة، وأقلهم مخالفة، فأما حتى لا نجد في الصديق عيبا، ولا تراه في شيء من هواك مخالفا، فهذا عسر وجوده، ومن طلبه أوشك أن ينفد عمره، ولا يجده، ولا يظفر به، فكن في أمور أصدقائك كما قال الشاعر:

(إذا كنت في كل الأمور معاتبا ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه)

(فعش واحدا أوصل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه)

(إذ أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه)

واعلم أن ترك العتاب من دلائل الزهادة، ومن دواعي القطيعة، ولذلك قال الشاعر:

(إذا انقرض العتاب فليس ود ... ويبقى الود ما بقي العتاب)

وإن كانت المعاتبة على كل ذنب، والتعلق بكل جرم من دلائل التجني والملالة، وقد قال الشاعر:

(إذا العتاب أتى في غير موضعه ... فإنه مفصح من شدة الملل)

صفحه ۲۳۵