وأن يكون لسانه سالما من العيوب التي تشين الألفاظ، فلا يكون ألثغ ولا فأفاء، ولا تمتأما، ولا ذا رنة، ولا ذا حبسة، ولا ذا لفف، فإن ذلك أجمع مما يذهب بهاء الكلام، ويهجن البلاغة وينتقص حلاوة النطق، وقد ذكر أن واصل بن عطاء كان قبيح اللثغة على الراء [وكان إلى المناقلات وارتجال الخطب لأهل نحلته، ومستحسني دعوته، فراض لسانه حتى أخرج الراء] من سائر منطقه، وخطب خطبة طويلة تدخل في عدة أوراق لم يلفظ فيها بالراء، فكان هذا مما يعد من فضائله وعجيب ما اجتمع فيه. ويروى أن زيد ابن على - عليه السلام - خطب بعد خطبة خطبها الجمحي فأحسنها وأجادها، إلا أن الجمحي كان بأسنانه فلج شديد، فكان يصفر في كلامه، فلما تساوى كلامهما في الوزن وحسن النظم، وإصابة المعنى، وسلم زيد ابن على - عليه السلام - من الصفير الذي كان في كلام الجمحي، فضل عليه، فقال عبد الله بن معاوية بن جعفر يصف خطبة زيد:
(قلت قوادحها وتم عدبدها ... فله بذاك مزية لا تنك)
فهذا جمل ما يحتاج إليه في الخطابة إذا كانت مسموعة.
صفحه ۱۷۱