بناة الاسلام: محمد و خلفایش
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
ژانرها
وحييت الصديق تحية الإسلام، ورددت دعاء المدعي وهو يقول: «السلام عليك أيها الصديق، السلام عليك يا ثاني اثنين في الغار، السلام عليك يا أول من صدق بالإسراء، وقال: لأصدقنه حتى لو قال إنه عرج.»
وهنا شرد ذهني من جديد، وذكرت أنني أمام قبر وزير محمد الأول، ومستشاره الأمين، الرمز الأعلى للوفاء، فلم يكن في الدنيا - كما حدثنا التاريخ، وأكبر الظن أن لن يحدثنا التاريخ بعد - مثل للوفاء مثل أبي بكر. •••
تمثلت الأنصار يريدون أن يبايعوا بالإمارة واحدا منهم دون المهاجرين من قريش، معتقدين أنهم أولى من آله ومن صحبه
صلى الله عليه وسلم .
اجتمع الأنصار في مؤتمر عقدوه في سقيفة بني سعد، وكان سعد زعيم الأنصار مريضا، إلا أنه لذلك الحدث الجلل ولشغور منصب الإمارة على المسلمين حملوه على نقالة ليخطبهم، وليدلي إليهم برأيه، ورأيه لديهم هو المطاع، قال:
يا معشر الأنصار، لكم سابقة في الدين، وفضيلة في الإسلام لم تجتمع لقبيلة من العرب. إن محمدا عليه السلام مكث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان، فما آمن به إلا القليل، وما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به، حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، فرزقكم الله الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، وكنتم أشد الناس على عدوه منكم، وأثقله على عدوه من غيركم، حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة طاهرا داخرا، حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله وهو عنكم راض، وبكم قرير العين، استبدوا بهذا الأمر دون سائر الناس، فإنه لكم دون الناس.
ورأيت بعيني مخيلتي وقد ساد الهرج والمرج جموع الأنصار، وأخذوا يتصايحون فيما بينهم: إن الإمارة لنا، فإن أبت مهاجرة قريش إلا أن يقولوا إنا المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون، ونحن عشيرته وأولياؤه، فليكن منا أمير ومنهم أمير.
هنا رأيت سعدا وقد أفتر لونه واصفر، وغضب غضبا شديدا، ورفع صوته فيهم قائلا: «هذا أول الوهن.» في تلك الآونة تمثلت أبا بكر وعمر وقد دخلا على جموع الأنصار بعد أن سمعا قولة سعد، فسارع عمر إلى الكلام، ولكن أبا بكر ربت على كتفه وقال: «أنصت يا ابن الخطاب.» ثم حمد الله وأثنى عليه وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم، إن الله قد بعث محمدا رسولا إلى خلقه، وشهيدا على أمته؛ ليعبدوا الله ويوحدوه، وهم يعبدون من دون الله آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة، وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور:
ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، وقالوا:
صفحه نامشخص