بناة الاسلام: محمد و خلفایش
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
ژانرها
المنازعات بين أئمة الإسلام
لا بد لكل بداية نهاية، وسنة الله في خلقه تقضي بنهاية كل كائن حي، فالدول كالأفراد، لا بد لها من أن تشيخ، وقد كمل نمو الأمة العربية بوساطة نظم تامة الكمال، فلا بد إذن من أن تنحدر إلى الضعف والشيخوخة، وليس أقتل للأمم من المنازعات بين أئمتها وكبرائها، فإن هذه المنازعات تفضي إلى الفوضى والاضطراب والفتن والدسائس والوشايات، إلى غير ذلك من النقائص الاجتماعية التي تقضي على آجال الأمم. وقد كانت تلك الحال المؤلمة هي التي تمخض عنها قتل عثمان الخليفة الثالث للرسول الأعظم، وهو الخليفة الذي كانت مبايعته تكاد تكون بإجماع المشيرين في الدولة العربية، كما قدمنا.
فقاتل الله الفتنة.
وينبهني المدعي إلى ما أنا فيه من شرود الذهن بقوله: «تقدم يا هذا إلى هذا القريب، إنه قبر إبراهيم ولد الرسول.»
حييت ابن الرسول
صلى الله عليه وسلم ، ورضوان الله عليه بما حييت به أولياء الله السابقين، ثم استعرضت بعين مخيلتي ذكرى مرضه الأخير، وكيف أن الرسول نقله إذ ذاك إلى مصيف في أحد بساتين المدينة كما ينصح الأطباء الآن مرضاهم حين يرون أنهم في حاجة إلى تغيير الهواء، ولا غرابة، فقد كان الرسول خير طبيب، وإننا لا ننسى كيف أنه قبل من المقوقس مارية القبطية هدية، ورد الطبيب قائلا: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع.»
انتقل النبي بولده إلى المصيف ومعه أمه ماريا وخالته سرينا، وكانت كلتاهما تمرضه، وكان الرسول يرعاه، ولكن ذلك كله لم ينفع، فقد قضت إرادة الله أن ينتقل ابن الرسول إلى جوار ربه في جنات النعيم.
ذكرت كيف أن الرسول احتضن ولده وهو يلفظ النفس الأخير قائلا ما معناه: «إن أباك لا ينفعك يا إبراهيم، وإن أولاد الأنبياء يموتون، كما أن الأنبياء يموتون.»
فما أعظم أخلاق النبي، وما أعظم إيمان النبي بقدرة الله.
وذكرت كيف أن إيمان ماريا لم يتزعزع بموت ولدها، وهي تعلم أن أباه رسول الله، فكان لها من قوة إيمانها ما تدرك به أن الله هو وحده الحي الباقي، يرث الأرض وما عليها.
صفحه نامشخص