بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة

جلال الدین سیوطی d. 911 AH
105

بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة

بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة

پژوهشگر

محمد أبو الفضل إبراهيم

ناشر

المكتبة العصرية

محل انتشار

لبنان / صيدا

١٧٤ - مُحَمَّد بن زِيَاد أَبُو عبد الله بن الْأَعرَابِي من موَالِي بني هَاشم. قَالَ الجاحظ: كَانَ نحويًا عَالما باللغة وَالشعر، ناسبًا كثير السماع من الْمفضل بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ، راوية للأشعار، حسن الْحِفْظ لَهَا، وَلم يكن أحد من الْكُوفِيّين أشبه رِوَايَة بِرِوَايَة الْبَصرِيين مِنْهُ. وَكَانَ يزْعم أَن الْأَصْمَعِي وَأَبا عُبَيْدَة لَا يحسنان قَلِيلا وَلَا كثيرا. وَكَانَ أَحول أعرج. قَالَ ثَعْلَب: شاهدت ابْن الْأَعرَابِي، وَكَانَ يحضر مَجْلِسه زهاء مائَة إِنْسَان، كل يسْأَله أَو يقْرَأ عَلَيْهِ ويجيب من غير كتاب. قَالَ: وَلَزِمتهُ بضع عشرَة سنة، مَا رَأَيْت بِيَدِهِ كتابا قطّ، وَمَا أَشك فِي أَنه أملي على النَّاس مَا يحمل على أجمال، وَلم ير اُحْدُ فِي علم الشّعْر واللغة كَانَ أغزر مِنْهُ، وَأدْركَ النَّاس، وَقَرَأَ على الْقَاسِم ابْن معن، واتسع فِي الْعلم جدا. وَقَالَ غَيره: كَانَ مِمَّن وسم بالتعليم، وَكَانَ يَأْخُذ كل شهر ألف دِرْهَم، فينفقها على إخوانه وَأَهله، وَكَانَ شَيخا جميل الْأَخْلَاق، وَكَانَ قد تماسك فِي آخر أَيَّامه بعد سوء حَاله. وَكَانَ الْمفضل الضَّبِّيّ زوج أمه. وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيب: سَأَلت أَبَا عبد الله بن الْأَعرَابِي فِي مجْلِس وَاحِد عَن بضع عشرَة مَسْأَلَة من شعر الطرماح يَقُول فِي كلهَا: لَا أَدْرِي وَلم أسمع، أفأحدس لَك برأيي! . وَحدث ثَعْلَب، قَالَ: سَمِعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: من لَا قبُول عَلَيْهِ فَلَا حَيَاة لأدبه. وَقَالَ: مَا رَأَيْت قوما أكذب على اللُّغَة من قوم يَزْعمُونَ أَن الْقُرْآن مَخْلُوق. واغتاب رجل عِنْده بعض الْعلمَاء، فَقَالَ لَهُ: لَو لم تقل فِينَا مَا قلت عندنَا؛ لَا تجْلِس إِلَيْنَا وَحدث الصولي قَالَ: غُني فِي مجْلِس الواثق بِشعر الأخطل: (وشاربٍ مربحٍ بالكأس نادمني ... لَا بالحصور وَلَا فِيهَا بِسوار)

1 / 105