لا يمكن أن ندرس كتاب بغية النقاد دون الرجوع إلى المنبع الأول الذي أسست عليه هذه السلسلة من التعقيبات العلمية للعلماء الثلاثة عبد الحق الإشبيلي، وابن القطان الفاسي، وابن المواق.
ولما كان لإبن رشيد الفضل في تبييض كتاب بغية النقاد وإتمامه وإخراجه للناس لينتفعوا به -مع مناقشة علمية حول صاحب كتاب بغية النقاد الحقيقي هل هو ابن المواق أو ابن رشيد السبتي- كان لزامًا أن ندرجه ضمن فصول هذه الأبواب فتكون أربعة فصول: الأول لعبد الحق الإشبيلي، والثاني لإبن القطان الفاسي، والثالث لإبن المواق، والرابع لإبن رشيد السبتي، لكن لما كان بيت القصيد في هذه الدراسة هو ابن المواق آثرت أن أجعل الفصل الثالث لإبن رشيد، وأؤخر ابن المواق لأفرده بالباب الثاني، وبالتالي يتسنى لي آنذاك أن أخصه بمزيد العناية سواء من حيث التعريف به، أو من حيث تفصيل منهجه في كتاب بغية النقاد، ومشاركته في بناء صرح علوم الحديث ...
المبحث الأول التعريف بعبد الحق الإشبيلي:
هو: عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد بن إبراهيم، الأزدي، الإشبيلي نشأة، البجائي موطنًا وإقامة، كنيته أبو محمد، لقب بابن الخراط، وبه اشتهر.
ذكر أبو العباس الغبريني أنه ولد في ربيع الأول سنة ٥١٠ هـ، وكانت وفاته في بجاية في ربيع الثاني عام ٥٨٢ هـ. (١)
ويبدو أن كتاب الأحكام قد انتشر بين الناس حتى صار عبد الحق الإشبيلي يعرف به، وهذا ما حدا بالحجوي الثعالبي أن يقول في ترجمته:
_________
(١) عنوان الدراية ص: ٤٤ - تذكرة الحفاظ ٤/ ١٣٥٠ - عبد الحق وآثاره الحديثية، محمد الوثيق ٧٥ ...
الدراسة / 35