الثاني : أنه قد يتشبث مخالفنا فيما قلناه بما عن الخليل نقلناه من كونها شجرية ، وقد ذكره العلامة ابن الجزري في النشر ، ونص عبارته : وقال الخليل أنها أيضا شجرية ، يعني من مخرج الثلاث قبلها ، والشجر عنده مفرج الفم ، أي مفتحه ، وقال الخليل : هو مجمع اللحيين عند العنقفة ، فلذلك لم / تكن الضاد منه . ... 14ب ... فنقول : ذكر الشيخ شهاب الدين القسطلاني في لطائف الإشارات أن ابن الجزري رد كونها شجرية بما تقدم من تعريف الشجر ، وفيه مناقشة ، وهي أن الظاهر من كلامه أن ابن الجزري رد كونها شجرية مطلقا بالتفسيرين المذكورين سابقا في كلامه ، وليس كذلك ، بل الظاهر أن ابن الجزري فرع على التفسير الثاني للشجر المنقول عن غير الخليل ، كونها ليست شجرية عنده ، أما على التفسير الأول المنقول عن الخليل فهي شجرية ، أي خارجة من شجر الفم ، أي مفتحه ، وهو وسط اللسان ، فإنها تخرج مما يقابل وسطه من حافته ، ولذا قال البرهان الجعبري في عقود الجمان : فالضاد مع يائه ، وقال في شرح الشاطبية : والشجرية الخارجة من وسط اللسان مطلقا ، ومقابله ابن يعيش في شرح المفصل في تعليل تسميتها بالشجرية فإن مبدأها من شجر الفم ، أي مفتحه ، بل لو أراد ابن الجزري في الرد مطلقا ينقل البحث إليه .
... فإن قيل : ليس الحافة مما يصدق عليه الشجر ، بل هو مخصوص بوسط اللسان . قلت : أولا لا نسلم ذلك ، ولئن نسلم فلا / يلزم من تسميتها شجرية أن تخرج 15أ من نفس الشجر ، بل يكفي خروجها مما يقابله ، ويقرب منه ، وما قارب الشيء يعطى حكمه ، وهم قد راعوا التغليب في مثل ذلك ، ألا تراهم سموا ستة أحرف ذولقية ، قيل لأنها تخرج من ذلق اللسان ، والخارج منه ثلاثة أحرف فقط ، والثلاثة الباقية لا عمل للسان فيها ، بل هي شفهية ، وهي الباء والفاء والميم ، فكأنهم أطلقوا عليها ذلك لمشابهتها للذولقية في السرعة والخفة .
... فإن قيل : فحينئذ يتجه أن يقال في كلام ابن الجزري في النشر إذا كان معناه ما ذكرت ، فلا يكون شيء من الحروف شجريا ، إذ ليس شيء منها يخرج من مجمع اللحيين عند العنقفة ، فلم خصت الضاد بنفي كونها شجرية .
صفحه ۱۷