في العالم قوتان متطاحنتان الاستبداد والثوران والغلبة لا بد أن تكون لأحدهما ولا أظنني مخطئا إذا قلت أن الاستبداد شيخ هرم والثوران فتى نضير والجديد لا يبنى إلا على أنقاض القديم.
أضحك وأبكي كلما رأيت شبابنا الجديد يسير وراء تيار الغرب سيرة الأعمى الأصم الأبكم وهولا يفهم شيئا مما يفعل سوى أنه يقلد متمدنا جديدا يعرف مصادر الأمور ويخترع(الموضات) التي توافق الذوق الرقيق والمزاج اللطيف؟؟.
الرقي المادي وحده يورث الجنون والأدبي مجردا عن الماديات سرعان ما يعتريه الخمول فعلى الشرقي إن رام التجدد النافع الجمع بينهما ليصير سيدا مطاعا.
إن التجدد الصحيح لحد الآن لم يوجد في الشرق، نعم هناك إلحاد وزيغ من طرف،ومحافظة ورجعية من طرف إذ لووجد التجدد المطلوب لما رأينا الشرق في هته الحالة ،حالة تسمع فيها جعجعة ولا ترى طحينا.
- - -
{ السجن }
بين جدران السجون تنبت شجرة الحياة الاستقلالية.
السجون مدرسة فيها يتعلم المهضومون كيف يقاوم الاستبداد والظلم.
السجن جسر بين المرء والعظمة.
السجن نصف التجارب.
السجون لا بد أن تمتلئ بالأحرار في بداية كل نهضة قومية كما أن النهضة لا بد أن تتم رغم الحواجز والعراقيل التي تنصب في سبيلها.
إن الحرية لا تؤسس إلا على السجون.
إن السجن رمز على ضعف الاستبداد والجبروت.
ليس العار أن تغشى السجن ولكن الخزي الأكبر أن تتسامح في دينك ووطنك وشرفك خوفا من السجن.
ما سمعنا يوما أن السجن والإبعاد والإعدام قضت على أمة أبدا بل ما رأينا إلا فاتحة مجدها وعزها وعظمتهما.
لولا السجون لما قامت قيامة للإصلاح ولا تغيرت الأنظمة العتيقة البالية.
إن ل"الباستيل"أيادي بيضاء على عظمة فرنسا التي نلمسها اليوم بأيدينا ونراها بأعيننا.
لولا مشاركة المجرمين للأحرار في السجون لقلت أنها بيوت مقدسة يجب أن تحترم.
- - -
صفحه ۲۵