بلاغات ابن شهاب الزهري وإدراجاته في الكتب الستة
بلاغات ابن شهاب الزهري وإدراجاته في الكتب الستة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
ژانرها
أقول: قد بينت بالنقد العلمي أن قصة محاولة النبي ﷺ أن يلقي نفسه من رُءُوسِ شواهقِ الجِبال لم تصح من أي وجه، وبفرض صحة هذه القصة جدلًا، فليس فيها ما يعيب شخص النبي ﷺ أو يقدح في عصمته، يتضح ذلك مما يلي:
١ - إن إرادة النبي ﷺ إلقاء نفسه من رؤوس الجبال وردت في موضعين، فعن الموضع الأول قال ابن حجر: أما الإرادة المذكورة في الزيادة الأولى -الواردة في بلاغ الزُّهْرِيّ ورواية ابن سعد- ففي صريح الخبر أنها كانت حزنًا على ما فاته من الأمر الذي بشره به ورقة، وعن الموضع الثاني قال الإسماعيلي: وأما إرادته إلقاء نفسه من رؤوس الجبال بعد ما نبئ -على ما ورد في رواية الطبري- فلضعف قوته عن تحمل ما حمله من أعباء النبوة، وخوفًا مما يحصل له من القيام بها من مباينة الخلق جميعًا، كما يطلب الرجل الراحة من غم يناله في العاجل بما يكون فيه زواله عنه، ولو أفضى إلى إهلاك نفسه عاجلًا، حتى إذا تفكر فيما فيه صبره على ذلك من العقبى المحمودة صبر واستقرت نفسه (١).
٢ - إن تحريم قتل النفس لم يكن نازلًا في شريعته ﷺ؛ فالقصّة كانت في بداية أمر الوحي، فكيف تكون تلك الحادثة -على فرض صحّتها- مدخلًا للطعن فيه ﷺ؟ .
٣ - إن العصمة متحققة في هذه الحال، حيث أن الله ﷾ صرف عن نبيه ﷺ هذا السوء.
* * * * *
٦ - أخرج البخاري في صحيحه، قال: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، سُئِلَ: أَعَلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ قَتْلٌ؟ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ (٢).
_________
(١) انظر: فتح الباري لابن حجر، ١٢/ ٣٦١.
(٢) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب الجِزْيَة، باب هل يُعْفَى عن الذِّمِّيّ إذا سَحَر، ٤/ ١٠١.
1 / 68