بلاغ الرسالة القرآنية
بلاغ الرسالة القرآنية
ناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [الأعراف:١٩١]، وقال: ﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل:١٧] .. إنه قول ثقيل جدًّا، فتدبر .. ثم أبصر!
ومن أثقل الآيات القرآنية، وأعمقها دلالة على الموقع الوجودي للإنسان من الخلق؛ قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا. إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا. إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا. إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَاسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ [الانسان:١ - ٥]، ولنا مع هذه الآية وقفة تدبر آتية بحول الله .. إلا أن المهم الآن أن نثبت لك أولًا؛ أن (قضية الخلق) تمثل مفتاح فهم الربوبية، والمعنى الوجودي والوظيفي للإنسان، ولولا خشية الإطالة لبينت لك من خلال كل سور القرآن بدون استثناء؛ أنها المبدأ الكلي الذي على أساسه خاطب الله الإنسان بكل أمر ونهي، بل إنها تمثل البنية الأساس لخطابه، الذي عليه يتفرع كل شيء، مما قرره في العقيدة والشريعة على السواء.
- ولتبسيط الأمور؛ ننطلق عمليًّا من آيتين مما أوردنا من كتاب الله نجعلهما محور قضيتنا، ونفسر في ضوئهما كل الآيات الأخرى؛ نظرًا لشمولية البيان فيهما، أو لغوصه إلى أعمق ما في مسألة الخلق من أبعاد كونية.
فأما الآية الأولى فقوله تعالى -مما سبق إيراده- من سورة
1 / 69