بسمارك: حياة مكافح

کادیل زکیتر d. 1377 AH
152

بسمارك: حياة مكافح

بسمارك: حياة مكافح

ژانرها

بسمارك :

وي، أدرك ما تعني، والمسألة هي أن يعرف أينا يقدر على أكل الكرز مع الشيطان، وسنرى!

وإذا ما نظر إلى الأمر من حيث الواقع رد نقاشهما إلى نقطتين في برنامج لاسال ود بسمارك أن يحققهما وفق مصالحه، ومن قوله عن التصويت العام: «إن التصويت العام في بلد ذي تقاليد ملكية ومشاعر صادقة؛ يؤدي إلى إبطال مؤثرات الطبقة الوسطى الحرة وإلى انتخاب ممثلين ملكيين، فانظر إلى بروسية تجد إخلاص تسعة أعشار الشعب للملك، وتجد أن جهاز الانتخابات المصنوع هو الذي يحول دون إعراب أكثرية الشعب الساحقة عن رأيها الصحيح.» وكان إدخال حق التصويت إلى بروسية يلوح لبسمارك أمرا مبتسرا، وإذا كان بسمارك يسير على رسله فإن لاسال يمشي على عجل، ولاسال يحاول إقناع بسمارك بانتحال التصويت العام، لا في ألمانية وحدها [في الوقت المناسب، لاعتقاد كلا الرجلين ضرورة نشوب حرب قبل قيام الاتحاد الألماني]، بل في بروسية أيضا، وفي الحال وفق مرسوم، وهكذا تدعو الراديكالية الديمقراطية إلى الانقلاب، ويشك بسمارك في حلول الوقت المناسب.

ويكتب لاسال إلى بسمارك قوله: «ألوم نفسي لما كان من نسياني بالأمس أن أذكر لكم مرة أخرى ضرورة جعل حق الانتخاب شاملا لجميع الألمان، وليكن هذا أداة قوة عظيمة! وليكن هذا فتحا أدبيا لألمانية! وإذا سئلت عن الجهاز الانتخابي قلت إنني قرأت في الليلة الماضية تاريخ الاشتراع الفرنسي فلم أجد فيه غير فائدة قليلة حول الموضوع، ومهما يكن الأمر فقد قلبت الأمور وصرت في وضع أستطيع معه أن أمدكم - يا صاحب الفخامة - بما تودون ، فأرى أن يصار إلى «الوصفة السحرية» المنشودة منعا للامتناع ودرءا لتبديد الأصوات، ولا أشك في أن الشفاء هو فيما اقترحت؛ ولذا أنتظر من فخامتكم تعيين وقت للمقابلة ذات مساء، ولي أن أصر على فخامتكم بتخصيص مساء لا يقطع فيه الحديث، ولدي قول كثير عن الجهاز الانتخابي وعن شئون أخرى.»

ومن يقرأ ذلك الكتاب الصميمي يبصر مصدر المبادرة، ويعتقد كتابته من قبل شاب إلى شائب مع أن لاسال كان قد جاوز الأربعين من عمره وأن بسمارك كان قد جاوز الخمسين من سنيه، ونتمثل بسمارك في المساء السابق جالسا على كرسيه مستمعا من خلال دخان سيغاره لمحاولة ضيفه النشيط هزه بكلمات ك «الوصفة السحرية»، وينشأ عن تلك المبارزة الروحية بعض ما يسر الرجلين، وتحول الحوادث دون اختلاطهما؛ فقد بدئ بغزو دانيماركة بعد تاريخ ذلك الكتاب بخمسة أيام، وقد وجد لاسال ما يحفزه إلى الكتابة ثانية:

لا ألحف،

2

ولكن الحوادث تحث، فاعذروني إذا ما بدوت ملحاحا؛ فقد أرسلت إليكم يوم الأربعاء كتابا أنبأتكم فيه بأنني الوصفة السحرية المنشودة الشافية، وأرى أن اجتماعنا القادم سيؤدي إلى نتائج حاسمة، وأرى أن يوصل إلى هذه النتائج على جناح السرعة؛ ولذا سأجرؤ على زيارتكم في منتصف الساعة التاسعة من صباح الغد.

يا له من ناري! يا لإغراء الأمر له! يا لشعوره بدنو تحقيق ما لم يكد يأمله حتى الآن! ولكن بسمارك يبدأ حربه، ويمكن مبدأ التصويت أن ينتظر!

وتمضي بضعة أسابيع، فيتهم لاسال بالخيانة العظمى، فيخاطب المحكمة العليا بقوله: «لا أريد قلب الدستور فقط، فمن المحتمل أن أقلبه في أقل من عام، ويمكن أن يلعب أكبر لعب؛ فأوراق اللعب على المائدة! ولذا أخبركم في هذا المكان الموقر أنه قد لا يمضي عام حتى يكون فون بسمارك ممثلا لدور روبرت بيل فيمنح حق التصويت العام المباشر!» ويرن اسم ذلك القطب السياسي الإنكليزي عاليا، وإن لم يدرك أحد في قاعة المحكمة معنى ذلك، ويبلغ صاحب تلك النفس العالية لاسال من النفوذ الأساسي في الوزير الحريز بسمارك ما يلمع معه إلى المثال الذي ذكره بسمارك في كتاب كتبه أيام كان في السنة الخامسة والعشرين من عمره حيث فسر سبب تركه للإدارة قائلا إنه لا ينتظر منه أن يمثل دور بيل في بروسية، ولم يعلم غير قليل من أقرباء بسمارك أمر ذلك الكتاب، ومن الممكن أن يكون كاتبه بسمارك قد نسيه، وهو ما زال يعرف أن بيل وأوكونل وميرابو كانوا يساورون ذهنه في قديم زمانه، فلما قرأ ما أبداه اليهودي الثوري لاسال من البسالة في الدفاع عن نفسه ضد الحكومة وما كان من كشفه عن السرائر؛ زاد إجلاله له.

صفحه نامشخص