سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: " أَمْسَيْتُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ، فَرُفِعَ لِي بَيْتَانِ مِنْ شَعَرٍ، فَأَتَيْتُ الْبَيْتَيْنِ حَتَّى أَنَخْتُ بِفِنَاءِهَا، فَسَلَّمْتُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ امْرَأَتَانِ شَابَّةٌ وَعَجُوزٌ، فَقُلْتُ: هَلْ مِنْ عَشَاءٍ أَوْ مَبِيتٍ؟ قَالَتَا: لَا وَاللَّهِ، مَا عِنْدَنَا عَشَاءٌ أَوْ مَبِيتٌ، وَلَا لَنَا بِهَذَا الْوَادِي مَالٌ، وَلَا شَاةٌ، وَلَا بَعِيرٌ، وَلَا حِمَارٌ.
قُلْتُ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَعِيشَانِ؟ قَالَتَا: بِاللَّهِ، وَبِالصَّالِحِينَ، وَبِالطَّرِيقِ.
فَلَمَّا هَدَأَ النَّاسُ بَعْضَ الْهُدُوِّ، سَمِعْتُ نَهِيقَ حِمَارٍ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَسْمَعَهُ حَتَّى أَصْبَحْتُ، وَامْتَنَعَ مِنِّي النَّوْمُ، فَخَرَجْتُ أَمْشِي حَيْثُ سَمِعْتُ نَهِيقَ الْحِمَارِ، فَأَجِدُ قَبْرًا فِيهِ رَقَبَةُ حِمَارٍ قَدْ غَيَّبَ التُّرَابُ مَا فَوْقَ عَيْنَيْهِ وَأُذُنَاهُ، وَظَهْرُهُ مَكْشُوفٌ مِنَ التُّرَابِ، فَرَاعَنِي ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمَا، فَقُلْتُ لَهُمَا: أَخْبِرَانِي خَبْرَ هَذَا الْحِمَارِ الَّذِي فِي الْقَبْرِ، قَالَتَا: لَا يَضُرُّكَ أَنْ تَسْأَلْنَا عَنْهُ، قُلْتُ: فَإِنِّي أَسْأَلُكُمَا.
قَالَتِ الشَّابَّةُ: هُوَ وَاللَّهِ زَوْجِي، وَهُوَ وَاللَّهِ ابْنُ هَذِهِ، وَهُوَ وَاللَّهِ الَّذِي سَمِعْتَ نَهِيقَهُ مُنْذُ اللَّيْلِ، وَكَانَ أَعَقَّ مَنْ رَأَيْتُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَهَا، كَانَتْ لَا تَنْهَاهُ عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا قَالَ: اذْهَبِي، فَانْهِقِي كَمَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ، فَتَقُولُ: جَعَلَكَ اللَّهُ حِمَارًا.
فَمَاتَ، فَدَفَنَّاهُ حَيْثُ رَأَيْتَ، وَهُوَ وَاللَّهِ الَّذِي أَحَلَّنَا هَذَا الْوَادِي وَأَسْكَنَّاهُ " ٣ - ١٣٧ أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَ أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُكَيْنَةَ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قثنا ابْنُ صَفْوَانَ، قثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قثنا مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، قثنا أَبُو الصَّلْتِ شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ عَمِّهِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ " أَرَدْتُ حَاجَةً، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي الطَّرِيقِ، إِذْ فَجَأَنِي حِمَارٌ قَدْ أَخْرَجَ عَيْنَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ، فَنَهَقَ فِي وَجْهِي ثَلَاثًا، ثُمَّ دَخَلَ، فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَرَدْتُهُمْ، فَقَالُوا: مَالَنَا نَرَى لَوْنَكَ قَدْ حَالَ؟ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ، فَقَالُوا: مَا تَعْلَمَ مَنْ ذَاكَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالُوا: ذَلِكَ غُلَامٌ مِنَ الْحَيِّ، وَتِلْكَ أُمُّهُ فِي ذَلِكَ الْخِبَاءِ، وَكَانَ إِذَا أَمَرَتْهُ بِشَيْءٍ شَتَمَهَا، وَقَالَ: مَا أَنْتِ إِلَّا حِمَارٌ، ثُمَّ نَهَقَ فِي وَجْهِهَا، وَقَالَ: هَا هَا هَاه، فَمَاتَ فَدَفَنَّاهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ، فَمَا مَنْ يَوْمِ
1 / 111