بناء امّه عربی
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
ژانرها
وحيث أخيرا لا تملك بريطانيا من المصالح ما تملك في مصر، ولا يمكنها أن تزعم أن امتلاك فرنسا لثغر الجزائر خطوة نحو امتلاك الهند.
وهكذا نجد أن فرنسا قدرت أن الاعتداء على الجزائر لن يثير عليها ما أثاره محاولة امتلاك مصر، وصح لها ما قدرت.
وبدأت فرنسا الفتح بحملة تأديبية ضد داي الجزائر كما بدأت حملة مصر لتأديب الأمراء المماليك. واتسع نطاق الفتح إلى أن أصبحت الجزائر القطر المترامي الأطراف الذي نراه اليوم.
وإلى 1881 (سنة الحماية على تونس) وإلى 1912 (سنة الحماية على المغرب) كانت الجزائر الأرض المغربية التي تملكها فرنسا، فلا عجب أن سعت لتضم لها عن اليمين وعن اليسار وفي الجنوب ما تستطيع ضمه.
ومقاومات الجماعات الجزائرية من 1830 للآن فصل رائع حقا في تاريخ الحرية، وهي حروب، عمليات حربية ضيقة النطاق أو واسعته بحسب الظروف، وهي حروب تتبعها نتائج الهزائم في الحروب من ضياع أراض ونزوح عن أوطان، وهي حروب لم يكن فيها للجزائريين حليف، اللهم إلا ما كان من سلطنة المغرب أو أهله في وقت من الأوقات.
ولم يلق شعب عربي الشقاء الذي لقيه الجزائريون، هم وعرب فلسطين، فنهب الفرنسيون أرضهم وأنزلوا بها طوائف من المهاجرين الأوروبيين والملحقين بالأوروبيين، وأعلنوا أن هؤلاء قد حلوا في إقليم فرنسي - وأوجدوا بجانب المواطنين الفرنسيين «الوطنيين» - وأقاموا حالة قانونية تعرف عندهم باسم
Indigénat ؛ أي أن يكون الإنسان «وطنيا» تمييزا له عن المواطن ال
Citoyen . وخلاصة الموقف أن فرنسا تقيم موقفها كله على إهدار القومية الجزائرية بكل ما يترتب على هذا الإهدار من محاربة اللغة القومية ومن جعل الجزائري غريبا في بلاده، ولولا أن في بقاء الجزائريين ضرورة اقتصادية لما ترددت في إبادتهم عن آخرهم دفعة واحدة.
هذا هو الموقف، الاختيار بين الاعتراف بالقومية الجزائرية وعدم الاعتراف ولا ثالث. (4) المملكة المغربية الشريفية
نجح المغرب الأقصى في الاحتفاظ باستقلاله عن السيادة العثمانية طوال تاريخه والسيادة الأوروبية حتى سنة 1912، وخضع لأسرات مالكة من أبنائه نحو ألف عام، ومن هذه الأسرات ما أقامت دولا عامة جمعت بين الأندلس والساحل الأفريقي المغربي كله.
صفحه نامشخص