بلا قيود
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
ژانرها
3-2 ).
شكل 3-2: الفأس الأشولية الأيقونية، التي ظل البشر الناشئون لآلاف السنوات يصنعونها. وكان صنعها يتطلب اختيار حجر مناسب والتمكن من عملية متعددة الخطوات. (المصدر: ويكيميديا كومونز.)
قد تكون أبرز سمات تشريح الهومو إريكتوس، بجانب حجمه الأضخم، وقامته الأطول، ودماغه الأكبر كثيرا، هو أنه لم يعد يحتفظ بأي من الخصائص الجسدية للقردة المرتبطة بالحياة على الأشجار؛ فقد تقلصت أصابع قدم الهومو إريكتوس لدرجة أنها لم تكن تساعد أو تساعد بدرجة ضئيلة في تسلق جذوع الأشجار، وصارت عظام أصابع يده مستقيمة، مثل عظام أصابع أيدينا؛ وبهذا فقد الشكل المقوس الذي يتميز به من يعيش على الأشجار. وأخيرا، كان الجذع العلوي للهومو إريكتوس برميلي الصدر، بمنكبين عريضين وخصر نحيل نسبيا؛ سمات لم يختص بها أي من القردة التي تعيش على الأشجار.
دلت هذه التغيرات على أن الهومو إريكتوس لم يكن فقط يعيش على الأرض أثناء النهار، بل كان أيضا ينام على الأرض ليلا. والطريقة الوحيدة المنطقية التي كان يستطيع بها هؤلاء البشر الناشئون تجنب التعرض لهجوم الضواري أثناء نومهم على الأرض هي إضرام النيران والنوم على مقربة منها، وتركها مشتعلة حتى الفجر. شرح هذا المنحى الفكري بالتفصيل ريتشارد رانجهام، اختصاصي علم الإنسان في جامعة هارفارد، وذلك في كتابه: «إشعال النار: كيف جعلنا الطهي بشرا؟».
6
نشأة «إنسان الكهف»
الكثير من السلوكيات التي كانت تعتبر في الماضي خاصة بالبشر اكتشف أنها موجودة - وإن كان ذلك في صورة بدائية في كثير من الأحيان - بين أنواع أخرى من الحيوانات. تشمل هذه السلوكيات، بالإضافة إلى القدرة على صناعة الأدوات واستخدامها، القدرة على التعبير عن معلومات معقدة، وقدرة الأنواع التي تعيش في مجموعات على تبني سلوكيات جديدة وتوريثها للأجيال التالية كتقاليد ثقافية. لكن من بين كل الأنواع في مملكة الحيوان، كان أشباه البشر وحدهم على الإطلاق هم من أبدوا ولو قدرة بدائية للغاية على إشعال النار والسيطرة عليها واستخدامها كسمة دائمة من سمات حياتهم اليومية.
فلولا بنيتهم الجسدية الفريدة التي تؤهلهم للسير على قدمين، ما كان أشباه البشر ليتمكنوا من السيطرة على النار واستخدامها؛ فحين يحمل أحد الحيوانات من ذوات الأربع أشياء يحملها عادة بفمه، وحيث إنه لكي يحمل فرع شجرة مشتعلا في فمه، فإن ذلك قد يحرق فمه أو وجهه أو يملأ عينيه وأنفه بالدخان؛ فالحيوانات ذوات الأربع لا تحمل فروعا مشتعلة من مكان لآخر. لدى القردة والسعادين بالفعل قوائم أمامية مطواعة ذات أياد قابضة، وهي قادرة على السير لمسافات قصيرة على قوائمها الخلفية أثناء حمل أشياء بقوائمها الأمامية، لكن لم ير أي نوع من القردة أو السعادين وهو يستخدم النار أو يسيطر عليها في البرية.
7
فالنار على كل حال تدمر النسيج الحي، وكل الحيوانات تخشاها وتتحاشها بالغريزة، كل الحيوانات ما عدا أشباه البشر.
صفحه نامشخص