بداية المسرح التسجيلي في مصر: مسرحية الأزهر وقضية حمادة باشا نموذجا
بداية المسرح التسجيلي في مصر: مسرحية الأزهر وقضية حمادة باشا نموذجا
ژانرها
67
وأمام هذا الموقف أصدرت مشيخة الأزهر إعلانا قالت فيه: «نظرا للاعتصاب الذي حصل من الطلبة، صدر النطق السامي بتشكيل لجنة تحت رياسة صاحب الفضيلة وكيل مشيخة الجامع الأزهر، وبعضوية حضرات: الشيخ عبد الغني محمود؛ عضو مجلس الإدارة، والشيخ أحمد نصر؛ وكيل رواق السادة الصعايدة، والشيخ علي الفزاني؛ شيخ رواق المغاربة، وصاحبي السعادة: إبراهيم بك ممتاز؛ مندوب الداخلية، وحسن بك جلال؛ مندوب الحقانية؛ للبحث في أسباب الاعتصاب.»
68
وأمام هذا الإعلان نشر زعماء الاعتصاب مقالة كشفوا فيها عن رأيهم في هذه اللجنة، وطالبوا بزيادة أعضائها قائلين: «تلك اللجنة التي أصبحت الأغلبية فيها لأصحاب العمل من هذه الهيئة التي نشكو من قسوتها. أليس رئيس هذه اللجنة هو وكيل المشيخة؟ أليس أحد أعضائها عضوا في الإدارة؟ أليس أحدهم وكيلا لرواق كذا والآخر شيخا لرواق كذا؟! إنا لا نطلب إسقاط هذه اللجنة، ولكن نطلب أن تنظروا معنا إلى أقوالها وأفعالها بعين الاحتراس والغيرة على المصلحة. قد انتخبت المعية والحكومة وإدارة الأزهر هذه اللجنة، فلم لا ينتخب الطلبة أعضاء يزادون عليها، لتكون موضع ثقتهم جميعا؟ إنا نرى ونرجو أن ينفذ هذا الاقتراح، ونحن ننتخب لذلك ثلاثة من علماء الأزهر: فضيلة الشيخ بخيت، وفضيلة الشيخ عبد الكريم سلمان، وفضيلة الشيخ محمد الطوخي، وثلاثة من رجال الأمة؛ هم: سعادة محمود بك عبد الغفار، وسعادة عبد العزيز بك فهمي المحامي، وسعادة عمر بك لطفي.»
69
وفي اليوم التالي، قام الطلاب بمظاهرة سلمية أخرى، بدأت بإلقاء الخطب في حديقة الجزيرة. وقد عينت الحكومة البكباشي جرفس؛ المفتش ببوليس العاصمة، والصاغ محمود محمد؛ مأمور قسم عابدين، لمراقبة المظاهرة التي سارت في انتظام وهدوء إلى قصر عابدين، وصاحوا: فليحي الخديوي! ولما وصلوا أمام مبنى جريدة الجريدة صاحوا: فلتحي الجريدة! ولما مروا أمام دار المؤيد بشارع محمد علي أخذوا يصيحون: فليسقط المؤيد! وإذا بحجارة تتساقط من أعلى دار المؤيد من قبل عماله، فتناول الطلبة الحجارة المتساقطة ورجموا بها جدران المؤيد. وفي هذه الساعة وصلت إشارة تلفونية إلى محافظة العاصمة من جريدة المؤيد، تفيد أن الأزهريين اجتمعوا أمام المؤيد يريدون الدخول عنوة. وبعد فترة قصيرة، وصلت قوة من عساكر السواري بقيادة اليوزباشي ستش وفرقة أخرى من المشاة، وبدأ العساكر في ضرب الطلاب، فاضطر الطلبة إلى الدفاع عن أنفسهم، وانتهى الأمر بالقبض على ثلاثة من الأزهريين؛ هم: أبو زيد، والشيخ سليمان نوار، والشيخ محمد قنديل، وعلى ثلاثة من عمال المؤيد؛ هم: حسين عبد الله، وحنفي محمد، ومصطفى علام؛ الذين أفرج عنهم بالضمان المالي. أما الطلبة فقضوا ليلتهم في سجن الموسكي، ونقلوا في اليوم التالي إلى المحافظة،
70
ورفعت عليهم القضايا، وترافع عنهم أحمد لطفي السيد، وحكم على اثنين منهم بالسجن خمسة وأربعين يوما، وببراءة الثالث.
71
وأمام هذا التصعيد، اجتمع مجلس الوزراء برئاسة الخديوي واتخذ قرارا أعلنته مشيخة الأزهر بوجوب عودة المدرسين والطلبة إلى دروسهم يوم السبت القادم، ومن يمتنع يقطع عنه راتبه وجرايته، ويشطب اسمه من السجلات؛ سواء كان طالبا أو عالما، مع التنبيه بأن هذا آخر منشور تصدره المشيخة في هذا الشأن.
صفحه نامشخص