بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Ibn Rushd (Averroes) d. 595 AH
168

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

ناشر

دار الحديث

شماره نسخه

بدون طبعة

محل انتشار

القاهرة

فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ، وَجَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ اعْتَقَدُوا أَنَّ هَذِهِ السَّاعَاتِ هِيَ سَاعَاتُ النَّهَارِ فَنَدَبُوا إِلَى الرَّوَاحِ مِنْ النَّهَارِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهَا أَجْزَاءُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ أَجْزَاءُ سَاعَةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِوُجُوبِ السَّعْيِ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْوَاجِبَ يَدْخُلُهُ الْفَضِيلَةُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ ; وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ النِّدَاءِ فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا بفسخ الْبَيْع إِذَا وَقَعَ النِّدَاءِ، وَقَوْم قَالُوا: لَا يُفْسَخُ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ النَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي أَصْلُهُ مُبَاحٌ إِذَا تَقَيَّدَ النَّهْيُ بِصِفَةٍ يَعُودُ بِفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَمْ لَا؟ . وَآدَابُ الْجُمُعَةِ ثَلَاثٌ: الطِّيبُ، وَالسِّوَاكُ، وَاللِّبَاسُ الْحَسَنُ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ لِوُرُودِ الْآثَارِ بِذَلِكَ. [الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْقَصْرِ] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ - وَهَذَا الْبَابُ فِيهِ فَصْلَانِ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْقَصْرِ. الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الْجَمْعِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْقَصْرِ وَالسَّفَرُ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْقَصْرِ بِاتِّفَاقٍ، وَفِي الْجَمْعِ بِاخْتِلَافٍ. أَمَّا الْقَصْرُ فَإِنَّهُ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ إِلَّا قَوْلًا شَاذًّا، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ: وَهُوَ أَنَّ الْقَصْرَ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِلْخَائِفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] وَقَالُوا: إِنَّ النَّبِيَّ ﵊ إِنَّمَا قَصَرَ ; لِأَنَّهُ كَانَ خَائِفًا، وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: فِي حُكْمِ الْقَصْرِ. وَالثَّانِي: فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقَصْرُ. وَالثَّالِثُ: فِي السَّفَرِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْقَصْرُ. وَالرَّابِعُ: فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْدَأُ مِنْهُ الْمُسَافِرُ بِالتَّقْصِيرِ. وَالْخَامِسُ: فِي مِقْدَارِ الزَّمَانِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ فِيهِ إِذَا أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ. فَأَمَّا حُكْمُ الْقَصْرِ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ الْقَصْرَ هُوَ فَرْضُ الْمُسَافِرِ الْمُتَعَيَّنُ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ الْقَصْرَ وَالْإِتْمَامَ كِلَاهُمَا فَرْضٌ مُخَيَّرٌ لَهُ كَالْخِيَارِ فِي وَاجِبِ الْكَفَّارَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ الْقَصْرَ سُنَّةٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَأَنَّ الْإِتْمَامَ

1 / 176