فقالت الأم بصوت متهدج: ما عسى أن نصنع بإعجابهم إذا أصابك سوء لا قدر الله؟!
فقال حسنين في سرور خفي: وماذا تصنعين إذا دعينا غدا إلى الحرب؟ .. ألم تسمعا بأن هتلر يعد عدته لإشعال نار الحرب؟ وإذا نشبت الحرب هجم موسوليني على مصر فندعى جميعا للقتال!
وحدجته الأم بارتياع، ثم سألته بجد واهتمام: أحقا ما تقول يا بني؟
وتراجع قليلا: هذا ما يقوله بعض الناس! - وما رأيك أنت فيما يقوله هؤلاء الناس؟
وقبل أن يجيب صاحت به نفسية: إذا صح ما يقولون فاترك المدرسة بلا تردد.
فضحك الشاب ملء فيه، وقال مشفقا من إفساد سرور اللقاء: ما أردت إلا إخافتكما .. (ثم غير لهجته متسائلا) فلندع الهذر جانبا وخبريني يا ست نفيسة ماذا تعدين لي غداء للغد؟!
فابتسمت الفتاة وأدركت أن أخاها «ضيفها» نصف نهار الخميس ونهار الجمعة، وأن إكرامه واجب عليها قبل أي إنسان آخر، فقالت: سأشتري لك دجاجتين تطبخهما نينة في ملوخية! - عال! .. والحلوى؟ - برتقال؟ - نفسي في الكنافة، فطالما رأيت هداياها تحمل إلى الطلبة أيام الجمع، فيتحلب ريقي من بعيد!
ولم تهتم الفتاة للكنافة قدر ما اهتمت للسمن اللازم لها، ولكنها لم تتراجع في نشوة الكرم التي غمرتها فقالت: وستحلي بالكنافة كما تشتهي!
فقال الشاب بعد تردد: لو كنت وقحا لسألتك أن تحشيها بالفستق والبندق! - ولكنك لست وقحا والحمد لله.
هكذا تهربت بالمزاح، وأدرك حسنين أنه لم يعد بوسعها أن تسخو أكثر مما سخت فقال ضاحكا: آه لو رأيتم الهدايا التي كانت تحمل إلى الطلبة! .. وفي مرة أهدي إلى صديق قطعة من حلوى اسمها «بودنج!» - بودنج! - نعم بودنج.
صفحه نامشخص