فقال وكأنه يخاطب نفسه: ليتني لا أعود أبدا.
ولم تدرك ما يعني، ولكنها استجمعت شجاعتها وغمغمت: تسمح!
ودس يده في جيبه وأخرجها في تكاسل ثم ترك ريالا يسقط في حجرها فتناولته في دهشة وانزعاج وحدجته باستنكار وتساءلت وهي تتميز غيظا: ما هذا؟
فقال بجفاء مباغت وعيناه تعكسان بريق الخمر: نعمة كبرى! إذا لم ترضي به عاد إلى موضعه السابق إلى الأبد.
فقالت بحنق: أظن مقامك أعلى من هذا بكثير.
فصب في فيه جرعة كبيرة ومصمص بشفتيه مقطبا وقال: هذا حق، ولكن الريال أعلى من مقامك بكثير! أراهن على أنه لا توجد امرأة لها مثل هذا الأنف وتطمع في مثله!
وجرحت الإهانة صدرها فاضطرب وقالت وهي تغالب الغضب بالخوف: لماذا تحدثني بهذه اللهجة؟ - لأنك طماعة، ولأنك السبب فيما يقع لي، اعلمي أني لا أحمل معي إلا الفكة، وحتى هذه تحاسبني زوجي عليها عقب عودتي إلى البيت، وأهون علي أن أضربك من أن تضربني هي!
ولاذت بالصمت وهي تنتفض غضبا وغيظا، فعاد هو يقول: ضايقتني امرأة ذات مرة في مثل موقفنا هذا فصفعتها، وقذفت بها خارج السيارة نصف عارية، ماذا فعلت فيما تظنين؟ .. لا شيء! كانت تعلم بلا ريب أن الشرطي أخطر عليها مني، ومع ذلك فهي مظلومة وأنت مظلومة وأنا مظلوم، والظالم الحقيقي هو زوجي.
فزفرت زفرة غيظ وتمتمت: نعود من فضلك.
فقال وهو يتثاءب: لك هذا، افتحي النافذة ونادي السائق.
صفحه نامشخص