وبالرغم من ذلك ففي أول لحظة يظهر لنا اختلاف بين بعض فصول النص، وصورة غير مكتملة لجزء كبير منها. فيتكون لدينا الانطباع بأن ما بين أيدينا ليس بكتاب متماسك بل هو مجموعة نصوص ناقصة لا يمت النص الواحد للآخر بصلة، وقد جمعت في المخطوط. لذلك لن نسلك في هذه المقدمة الطريقة العادية مبتدئين بسرد حياة المؤلف، ووصف المخطوط. بل سنتحدث أولا عن مضمون النص، والوحدات التي يتألف منها، لنثبت من خلاله وحدة هذا الكتاب كتصنيف متصل قبل الحديث عن صاحبه. وليس من أهدافنا هنا أن نستفيد من هذا النص لنكتب بحثا مفصلا في ما يحتوي عليه من الأخبار التاريخية، والتوجيهات العقائدية (6). ولكننا نريد أن نعطي القارئ صورة عابرة عن مضمونه، وبنائه، ليكون ذلك حجة نحتج بها في إثبات فرضنا أن النص كله من تصنيف مؤلف واحد.
------------------------------------
(1) - طبعة حجرية بالقاهرة 1301ه / 1883م. عن استشهادات الشماخي المنقولة عن كتاب ابن سلام. انظر الملحق ص54- 56.
(2) - عن تعاليم الإباضية وتاريخها راجع فهرس المراجع وخصوصا المقالات العلمية والبحوث لتاديوش لفيتسكي ولعمرو خليفة النامي. أما في ما يتعلق بفهم الإباضية المعاصرة لتأريخها وللدين الإسلامي فراجع مؤلفات علي يحيى معمر ومحمد علي دبوز.
(3) - انظر مقال لفيتسكي في سير الشماخي ( 1934، ص73 )، وكذلك بحثه في المؤرخين الإباضيين الوهبيين ( 1961، ص106- 107 ).
(4) - أنظر بحثه في المخطوطات الإباضية الحديثة الاكتشاف ( 1970، ص83 ). وقد اطلعنا على النص لأول مرة سنة 1979 في نسخة مصورة له عند الشيخ المرحوم علي يحيى معمر ( طرابلس الغرب ).
(5) - قد سمى حسن حسني عبد الوهاب هذا المؤلف الإباضي " ابن سلام " ووصفه بأنه " أقدم المؤرخين الإفريقيين " ( ورقات، قسم 1 ص80 ).
(6) - فكتاب ابن سلام من أهم النصوص التي اعتمدنا عليها في رسالتنا في تأريخ الإباضية في المغرب الإسلامي.
صفحه ۴