وبعد سنة 260 ه (المنتهية 15/10/874 م ) وصل ابن سلام إلى مدينة أجدابية وهو قافل من الحج. ولقى بأجدابية عمار بن أحمد بن الحسين الطرابلسي، وكان مع عمار ابن لظبيان الزواغي أحد قواد قبيلة زواغة. كان عمار وأخوه الحسن يسكنان طرابلس وهما من أبناء العالم اللمجتهد الشهير بابن الحسين الطرابلسي. أما الذي كان قد جمع بين ابن سلام وبين عمار هو أبو يعقوب اللمائي الذي "كان أحذ حانوتا بأجدابية عن ابن الحسين أحمد" (ص 135).
وفي أحد شهري جمادى سنة 270 هت (نوفمبر-ديسمبر 884 م) التقى ابن سلام في جندوبة بخلف بن السمح حفيد الإمام أبي الخطاب (ص130) وجرى تبادل للرسائل بينهما (ص114). وهناك عالم إباضي آخر قد أخذ المؤلف عنه بعض الأخبار هو نفاث بن نصر النفوسي (ص110). واتخذ كل من نفاث وخلف موقفا معارضا لأفلح بن عبد الوهاب الإمام الرستمي الذي تولى الحكم سنة 208 ه/823-824 م. ونلاحظ أن ابن سلام لم يبد رأيه المعارض أو الموالي للرجلين. ولم يقل شيئا بخصوص آراء الفقيه ابن الحسين الطرابلسي المذكور أعلاه. وكانت آراؤه غير مقبولة عند الإباضية الوهبية فيما بعد (ص135). كما ذكر ابن سلام أن أبا المورج وعبد الله بن عبد العزيز قد خالفا أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة في بعض المسائل. أما وضع ابن عبد العزيز في عداد المنافقين فلم يشر ابن سلام إليه إلا بذكر قول خلف بن السمح بذلك في رسالة له (ص114).
ويبدو لنا أن المؤلف كان متحفظا في مثل هذه المسائل وأنه اجتنب مناقشة كل ما يهدد وحدة كلمة المذهب الدينية والدنيوية و- كما تقدم - كان من أهدافه في تأليف الكتاب أن يعطي المسلمين سندا لكي يهتدوا به.
صفحه ۳۸