فنظر في الساعة مرة أخرى وقال: لعلي أخطأت في التقدير.
العكس حصل؛ إذ زادت سرعة الديزل زيادة محسوسة غير متوقعة، وما لبثت المرأة أن هتفت: انظر!
مشيرة إلى محطة دمنهور وهي تجري بسرعة فائقة إلى الوراء ككل شيء في الخارج: كيف لم يقف في محطة دمنهور؟
وإذا بباب العربة يفتح، ورجل يندفع منه نحو باب العربة التالية، وهو يصيح بأعلى صوته: السائق جن! .. وسيهلكنا جميعا.
استدارت المرأة في ذهول، وتبادلت مع الرجل نظرة حائرة، وترك الرجل حقيبته ثم فتح باب العربة ناظرا إلى الداخل، فرأى جميع الركاب واقفين في حال من الاضطراب والذعر لا توصف. وقد فتحت النوافذ جميعا، واختلطت الأصوات وارتفعت في هلوسة، ورأى الصقر وهو يصرخ غاضبا، وفي ذات الوقت ينظر حواليه باحثا - فيما أعتقد - عن المرأة، فأراد أن يحذرها، ولكنه سرعان ما نسي ذلك، واندفع نحو الداخل سائلا عما هنالك فلم يسمع صوته، فشق سبيله بعسر شديد نحو العربة التالية صائحا: أين المفتش؟ .. أين رجال القطار؟!
ومد يده ليفتح الباب فانفتح قبل أن يلمسه، وهرول إلى الداخل رجل صائحا: السائق اعتدى على مساعده، وقذف به خارج حجرته!
فسأله بأعلى صوته: قبضوا عليه؟ - أغلق بابه دونهم، ودفع القاطرة إلى آخر سرعة.
وارتطم الصياح بالصوات. ورغم الضجة المدوية سمع صوتا يقول: ستنفجر القاطرة أو يقع اصطدام قاتل. - والعمل؟ - سيهلك الجميع.
اندفع من الباب مخترقا البوفيه إلى المدخل المتصل بحجرة السائق المغلقة، فرأى المفتش ورجال القطار ونفرا من الركاب، وسمع أحدهم يسأل: ما العمل؟
فأجاب المفتش: نحن نفكر في كل شيء. - وهل ثمة أمل؟
صفحه نامشخص