بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
ژانرها
وفي عشية الزفاف ينقل الجهاز الذي يهبه الأب لابنته في موكب فخم. يكثر هذا الجهاز أو يقل بالنظر لثروة الأشخاص ، وهو يتألف من الملبوس وأدوات الطبخ ومتاع البيت كالمسرجة والمقعد، وحزمة فتائل، والأشياء الأخرى التافهة الثمن. إن كل قطعة من هذه الأمتعة تحمل على حدة ليقال إن جهاز بنت فلان قد نقله كذا وكذا من الرجال.
ولدى وصول هذا الجهاز تستسلم قريبات العريس إلى ذوقهن وتتعالى الزغردة: لو لو لو، ويتنعمن بذلك الصياح ساعات طوالا. إن هذا الصراخ - كما سبق لي أن قلت - هو ملذة توحي حب المنافسة عند النساء، وهذا ما يحملهن على اغتنام كل مناسبة يظهرن فيها هذه البراعة والتفوق.
أما عقد الزواج فينظمه القاضي بناء على شهادة أنسباء العريسين.
5
وهو - إذا ما استثنينا هذه النقطة - لا يقوم بأية مهمة في النكاح المنوي عقده؛ أي لا يكسبه أية صيغة رسمية؛ لأن الزواج عند المسلمين مدني بحت، وافتقاره لشكل ديني ما لا يفقده الطابع المقدس الذي تغدقه الطقوس الدينية عند غير المسلمين.
والعروس لا ترى عريسها إلا يوم زفافها، وفي البرهات التي تتمكن من اختلاس النظر إليه؛ فكل فتاة تحترم نفسها مضطرة إلى إغماض عينيها خلال سبعة أيام كاملة؛ ففي هذا الوقت «تصمد» على وسادة بعد أن تقلد كل حلاها، وتخضع للزينة الخاصة بالمتزوجات الفتيات. وهذا التبرج يؤدي إلى مسخ الوجه، فيصبح كأنه وجه مستعار حقا، ثم تدهن اليدان والرجلان العارية دائما.
ومن يمكنه عند ذاك معرفة وجه إنساني من خلال الصفائح المذهبة، وشتى ضروب الألوان الحمراء والزرقاء والبيضاء، والبراقع المتعددة، وتكحيل الجفون، وتزجيج الحواجب التي تقوس بتأن، ثم يعنى بأن تتلاقى عند أول الأنف ...! وهنا يجب أن نعترف أن العلم لم يساهم في إصلاح مقابح العصر، ولكنه ساعد في إنماء مفاعيلها وتقويتها.
6
إن ذوق هؤلاء الناس غريب جدا إلى حد أنهم كانوا يعتقدون أن العروس التي تظهر بمظهر الفتوة الجذابة وبلباس بسيط يخشى أن تنبذ.
هوامش
صفحه نامشخص