بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
ژانرها
وأغنامهم هذه ذات أليات ضخمة قد يبلغ وزن الواحدة منها خمسة عشر كيلوغراما. يعلفها الأهالي علفا عنيفا، وإذا ما ملت الأكل أقبلوا عليها يحشونها حشوا بأوراق التوت والنخالة، ويغسلونها يوميا بالمياه النقية فتبلغ أقصى حدود السمن. فكل عائلة لبنانية تعلف واحدا من هذه الكباش لتدخر لحمه مئونة للشتاء، فيقلى ويحفظ في شحمه المذوب، ومتى أقبل الشتاء تهبط القطعان التي تصيف في الجرود إلى الساحل؛ حيث يكون قد أعد كل ملاك محلا ملائما لبياتها عنده طمعا في سمادها الذي لا بد منه للزراعة على اختلاف أنواعها، وخصوصا زراعة أشجار التوت. إن هذه الحيوانات اللبونة هي التي تمد البلاد بالحليب والزبدة والجبن واللبنة.
وفي الجبل جمال يبتاعها أهلوه من عرب الصحراء. أما البقر والمعزى فمن إنتاج البلاد نفسها، ومن جزيرة قبرص تستقدم الحمير والبغال والخيول العادية. والبقر الممتازة ترد إلى الجبل من ضواحي دمشق.
لا ينتج لبنان وملحقاته من الحبوب (القمح، الشعير، الذرة، العدس، الكرسنة) إلا ثلث الكمية التي يستهلكها الأهالي، وإذا أصابت البلاد خصبا كبيرا فقد تستريح من اللجوء إلى الخارج - في طلب المواد الغذائية - مدة أربعة أشهر أو خمسة فقط.
ينتج كل مكيال من البذار من ال 12 إلى ال 14 مكيالا. وفي السهول والأرض الجبلية الجيدة يغل المكيال عشرين مكيالا.
أما سهل البقاع فالمد الذي يبذر في تربته فتراوح غلته بين خمسة وعشرين وثلاثين مدا.
إن تربة لبنان صالحة جدا لزراعة البطاطس، ومع ذلك فقلما يعرفها أهلوه، وإذا زرعت في بعض الضواحي فلكي تباع من الإفرنسيين. إن الشعب هنا - كما هي الحالة في جميع أنحاء تركيا - غير ميال إلى التجديد، ومن شريعتهم: القديم على قدمه. ولهذا يفضلون على البطاطس ذات الغذاء الصحي النافع، خروب قبرس وفول مصر الذي قد يصنعون منه خبزا كريها.
تنتج القرى الساحلية - وعلى الأخص القرى الواقعة بين بيروت وصيدا - كثيرا من الزيت . أما الحاصلات الأخرى التي تكثر في الجبل وضواحي بيروت ، فهي العنب والتين والصنوبر واللوز والجوز. قد تنتج البلاد ما يكفيها من جوز ولوز، أما العنب والتين والصنوبر فيصدر بعضها إلى الخارج.
الأشجار المثمرة نادرة جدا في قرى الساحل بسبب الحرارة القوية والجفاف. وهي قليلة أيضا في الجرود العالية بسبب البرد القارس أثناء الشتاء، ناهيك بأن الشرقيين لا يقدرون الثمار حق قدرها. ولما كانوا لا يصبرون عليها حتى تنضج، فإنهم لا يجدون فيها إلا طعما مزا يشبه تماما طعم الأصناف البرية من هذه الأنواع. إننا لا نجد في الجبل ثمرا لذيذ الطعم حقا إلا العنب والمشمش اللوزي ذي النواة الحلوة.
1
وقد تمتع تين بيروت بشهرة حق له معها أن يشبه بتين مرسيليا.
صفحه نامشخص