أوشكت أن أعود أدراجي، عندما توقفت إلى جواري سيارة سوداء، فتح باباها الجانبيان في لحظة واحدة. وفي اللحظة التالية كان ثمة رجلان يحيطان بي، ويمسكان بذراعي ثم يدفعانني إلى المقعد الخلفي للسيارة. وعلى الفور قفزت السيارة إلى الأمام، وانطلقت في سرعة فائقة، وعجلاتها تحدث صريرا حادا.
وقبل أن أتبين وجه أحد من ركاب السيارة، استقرت عصابة سميكة فوق عيني، عقدتها أصابع مدربة في قوة خلف رأسي، وامتدت الأيدي إلى جيوبي وأسفل إبطي، وخلف ظهري، وبين فخذتي، وأعلى الجوارب.
توتر جسدي في انتظار ضربة ما . وخطر ببالي أني في وضع أفضل من مرة اعتقلت فيها، ووضعت في سيارة مماثلة إلى جانب السائق ، ثم انهالت الضربات، من الخلف فوق عنقي ورأسي.
أبطأت السيارة ثم توقفت. وسمعت صوت فتح أحد أبوابها. وتحرك الجالس إلى يميني وهو يشدني بعنف إلى الخارج.
تعثرت وكدت أقع لولا أن أحدهم سندني من الخلف وهو يسبني، ثم أمسك بذراعي الأيسر، وجرني جرا عبر إفريز ضيق انتهى بعدة درجات. سرنا قليلا بعد ذلك، ثم صعدنا درجتين أخريين وواصلنا السير. وبعد قليل هبطنا درجا طويلا ومشينا في مكان رطب تردد وقع أقدامنا فيه عاليا.
توقف مرافقي، وسمعت صوت مفتاح يدور في قفل، ثم لفح الهواء البارد وجهي. تخلت عني الأيدي التي كانت تمسك بذراعي. ودفعني أحدهم إلى الأمام بعنف، فكدت أقع على وجهي، ثم سمعت صوت اصطفاق باب قريب، وأقدام تبتعد.
جمدت في مكاني، وأرهفت حواسي لأتبين إذا كان هناك أحد على مقربة. كانت يداي حرتين، فرفعتهما في تردد إلى وجهي. وعندما لم يتعرض لي أحد انتزعت العصابة عن عيني مرة واحدة.
مرت ثوان قبل أن أتمكن من الإبصار. وألفيتني بمفردي في غرفة مستطيلة، عالية السقف، شبه مظلمة، يتسلل الضوء إليها من كوة قرب السقف، تعترضها قضبان حديدية. كانت الغرفة عارية من أي أثاث، وليس بها ما يدل على هوية المكان أو أصحابه. ورأيت في أقصاها بضعة صناديق من الكرتون. تقدمت منها، فوجدتها فارغة. وكان أحدها يحمل اسم مسحوق أمريكي للتنظيف.
بحثت عن علبة سجائري فلم أجدها. وتبينت أن جيوبي كلها خالية. وأن ساعة يدي انتزعت مني، وقدرت أن الوقت يقترب من الثانية أو الثالثة.
مضيت إلى الباب، فألفيته من الحديد المتين. انحنيت على ثقب المفتاح، ووضعت عيني عليه. لكني لم أميز شيئا في الخارج، بسبب قلة الضوء. أبعدت عيني وألصقت أذني بالثقب، فلم أسمع شيئا.
صفحه نامشخص