بین دین و فلسفه: در نظر ابن رشد و فلاسفه قرون وسطی
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
ژانرها
14
وهذا التفاوت في الفطر والعقول الذي جعل الناس طوائف ثلاثا، يجر حتما إلى اختلاف التعاليم التي يجب أن يؤخذ بها كل فريق: فللجمهور وأشباههم، من الجدليين الذين لا يطيقون الوصول إلى التآويل الصحيحة، الإيمان بظواهر النصوص الشرعية، وما ضرب لهم من رموز وأمثال.
وللعلماء أهل البرهان؛ الإيمان بالمعاني الخفية التي ضربت الأمثال والرموز لتقريبها للعقول، وذلك بتأويل هذه النصوص.
ويجب مع هذا كله أن نحافظ على أن يكون كل نوع من هذين التعليمين لطائفته الخاصة، وعلى ألا يختلط أحدهما بالآخر؛ لأن جعل الناس شرعا واحدا في التعليم خلاف المحسوس والمعقول.
15
ولهذا نرى فيلسوفنا في كلامه على إثبات العلم للمبدأ الأول، يحرم أن يتكلم مع الجمهور في علم الله على النحو الفلسفي، وإلا كان ذلك بمنزلة إعطائهم ما هو سم لهم، وإن كان غذاء للآخرين.
16 •••
ووجوب رعاية انقسام الناس حسب استعداداتهم وعقولهم إلى طوائف، خاصة وعامة، لكل منها تعليم خاص سبق أن عرفناه عند غير ابن رشد من الفلاسفة مثل الفارابي وابن سينا، وسنعرفه أيضا بعده لدى ابن ميمون الذي يرى أن مسائل الطبيعة يجب ألا تعلم علنا ولكل الناس، بل ولا أن تثبت في كتاب يقرؤه الناس جميعا؛ وذلك لأنها متصلة اتصالا وثيقا بمسائل ما بعد الطبيعة وأسرارها؛ ولهذا فإن فلاسفة ما بعد الطبيعة وكذلك علماء الكلام، وأصدقاء الحقيقة لم يتكلموا في شيء من ذلك إلا رمزا بطريق المجاز ونحوه.
17
والسبب في هذا اختلاف الناس وانقسامهم إلى طوائف حسب ما منحوا من الاستعداد والعقل وضوء المعرفة، هذا الضوء الذي يضيء دائما للعدد الأكبر من الأنبياء، ويضيء لآخرين فترات متقاربة أو متباعدة، وينعدم بالنسبة للذين يعيشون في الظلام، والحقيقة محجوبة تماما عنهم، وهم العامة من الناس.
صفحه نامشخص