بین دین و فلسفه: در نظر ابن رشد و فلاسفه قرون وسطی
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
ژانرها
ومع ذلك؛ فإننا نرى أن نأتي بمثال واحد للتأويل الصوفي، ومثال واحد آخر للتأويل الشيعي. يقول الله تعالى في سورة يس: (الآيات 12-17):
واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون * إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون * قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا البلاغ المبين .
فهذه الآيات وما تلاها لم تجئ حسب معناها الظاهر، وهو الصحيح المراد بلا ريب، إلا لتقص علينا للعبرة والذكرى نبأ أصحاب القرية الخاطئة الضالة مع الرسل الثلاثة الذين أرسلهم الله إليها فكذبوهم، ولكن المتصوفة تركوا هذا المعنى الظاهر وزعموا أن لها معنى خفيا باطنيا، فرأوا أن القرية ليست إلا الجسم، وأن الرسل الثلاثة هم الروح والقلب والعقل، وهكذا أولوها كلها تأويلا مجازيا لا دليل ولا قرينة عليه.
57
والمثال الثاني هو تأويل هذه الآيات الأولى من سورة الشمس:
والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها ، فالله تعالى يقسم في هذه الآيات وما تلاها ببعض الظواهر الطبيعية الفلكية الكبيرة على ما أراد تقريره بعد من الحق، وهذه معان ظاهرة، وهي الصحيحة المرادة بلا ريب، ولكن الشيعة بتفسيرهم الذي بلغ الذروة من التعصب والتعسف، أولوها - لتشهد لهم ببعض ما ذهبوا إليه - تأويلا مجازيا عجبا، فزعموا أن المراد بالشمس محمد
صلى الله عليه وسلم ، وبالقمر علي بن أبي طالب، وبالنهار الحسن والحسين رضي الله عنهما، وبالليل الأمويون!
58
وهكذا نجد الغالين من هاتين الفرقتين قد بالغوا في التأويل، فحملوا القرآن كثيرا من المعاني والآراء التي لا يقرها بحق أهل السنة، وجعلوا للآية الواحدة معاني باطنية متدرجة في صعوبة معرفتها والإحاطة بها، وفي هذا يقول جلال الدين الرومي الشاعر الصوفي المعروف، وهو ما يوافقه عليه الشيعة الباطنية الإسماعيلية: «اعلم أن آيات الكتاب سهلة يسيرة، ولكنها على سهولتها تخفي وراءها معنى خفيا مستترا.
ويتصل بهذا المعنى الخفي معنى ثالث يحير ذوي الأفهام الثاقبة ويعييها، والمعنى الرابع ما من أحد يحيط به سوى الله واسع الكفاية، من لا شبيه له، وهكذا نصل إلى معاني سبعة الواحد تلو الآخر.
صفحه نامشخص