فقال السيد متعجبا: وما انتفاعي بالحياء حيال قنطار من اللحم والدهن!
فأطلقت العالمة ضحكة رنانة، وتساءلت في غاية من الانبساط: كيف ترون صاحبكم؟
فقالوا في نفس واحد: معذور!
وهنا حرك عازف القانون الضرير رأسه يمنة ويسرة، وقد تدلت شفته السفلى وتمتم: قد أعذر من أنذر.
ومع أن حكمته لاقت ترحيبا إلا أن الست التفتت نحوه كالغاضبة ولكزته في صدره هاتفة: اسكت أنت وسد فاك الذي يبلع المحيط.
وتلقى الضرير الضربة ضاحكا ثم فتح فاه كأنما ليتكلم، ولكنه أغلقه مرة أخرى مؤثرا السلامة فوجهت المرأة رأسها صوب السيد، وقالت بلهجة تنم عن الوعيد: هذا جزاء من يجاوز حده.
فقال السيد متظاهرا بالانزعاج: ولكنني جئت لأتعلم قلة الأدب.
فدقت المرأة صدرها بيدها وصاحت: يا خبر! ... أسمعتم قوله؟!
فقال أكثر من واحد منهم في وقت واحد : إنه خير ما سمعنا حتى الآن.
وأضاف إلى هذا أحد الرفقاء قائلا: بل عليك بضربه إذا جاوز حدود قلة الأدب.
صفحه نامشخص