بين الدين والعلم
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
ژانرها
ولكن على الرغم مما كان في عمل هؤلاء الأفذاذ من نبل وجلال، فإن الحقائق التي أسسوا عليها نظرياتهم قد أخذت مع الزمن تفقد كثيرا من قوتها، وتتزعزع أركانها.
فمنذ القرن السابع عشر أخذ كبار اللاهوتيين يشعرون بأن متاعب كبرى قد أخذت تعترض سبيلهم هي أنكى وأبعد أثرا من كل ما واجهوه من قبل. فقد بان مع مر الزمن وكر الدهر أن الأنواع المختلفة التي عمرت الأرض، هي أكثر عددا مما خيل إلى الناس. ومن ثم زادت صعوبة القول بأن هذه الأنواع الكثيرة المختلفة البنى والتكوين قد خلقت خلقا مستقلا بقدرة الله المباشرة. وكذلك القول بأن الأنواع قد حشرت أمام آدم ليسميها. وكذلك الزعم بأنها حشرت في سفينة نوح أزواجا أو سبعات، أي سبعة أفراد من كل نوع. غير أن الصعاب التي قامت في هذه الطريق لم تكن شيئا مذكورا إذا قورنت بما قام في طريق البحث في توزيع الحيوانات والنباتات الجغرافي
Geographical Distribution .
إذا رجعت إلى الأيام الأولى التي شيدت فيها الكنيسة النصرانية، فإنك تجد أن البحث في هذا الموضوع قد أثار فكرات ذات أثر، وعلى الأخص في عقل القديس أوغسطين؛ فقد شرح في كتابه المسمى «مدينة الله» هذه الصعوبة في القالب الآتي: «هنالك صعوبة تواجهنا تلقاء البحث في كل أنواع البهائم التي لم يتمكن الإنسان من تأليفها، ولم تنشأ من الأرض كما تنشأ الضفادع - كالذئاب من أنواع السباع - وعلى الأخص إذا تساءلنا كيف استطاعت أن تشق طريقها إلى الجزر النائية بعد ذلك الطوفان العظيم الذي أعدم كل الأحياء التي لم تحفظ منها «عينات» في الفلك المشحون؟ لا جرم أن بعض الحيوانات يمكن أن تصل الجزر سابحة في الماء، في حالة ما إذا كانت تلك الجزر قريبة من اليابسة. غير أن بعض الجزر بعيدة عن الشاطئ بعدا شاسعا؛ حتى إنه من المتعذر على أي مخلوق أنه يصل إليها سابحا. على أنه لا يبعد عن التصديق أن تكون بعض هذه الحيوانات قد اقتنصها الإنسان وحملها معه إلى تلك الجزر التي أراد أن يستعمرها ليلهو بها في الصيد ويتخذها وسيلة للتسلية. كذلك لا يمكن أن ننكر أنه من الجائز أن يكون نقلها قد تم بفعل الملائكة، وقد أمرهم الله أو حملهم على أن يقوموا بهذه المأمورية.»
غير أن هذه المشكلة الطبيعية قد وصلت حدا لم تقم منه صورة ولو ضعيفة في عقل القديس أوغسطين. وكان من أكبر الأشياء التي أمدتها بالقوة وعززتها بالغلبة والسلطان، تلك السياحات الكبيرة اليت قام بها كولومبوس وفاسكودي غاما وماجلان وأمريجو فسبوتشي وغيرهم من الأفذاذ الذين ظهروا في عصر الاستكشاف البحري. وزادت أهميتها عندما استكشفت جزائر البحار الكبرى التي تغشاها مياه الميحطات الجنوبية؛ فإن كل مستكشف قد نقل معه بعد إتمام سياحته أخبارا عن أنواع جديدة من الحيوانات، وسلالات جديدة من سلالات النوع البشري تعيش في بقاع من الأرض، طالما أعلن اللاهوتيون - اعتمادا على ما قال القديس بولص من أن صوت الكتب المقدسة قد انتشر في كل بقاع الأرض - أنها غير موجودة أصلا. ولقد زاد ضغط هذه الحقائق على التصور الكنسي؛ حتى لقد نزع اللاهوتيون إلى القول بأن الملائكة - طوعا لإرادة الله، وقد هموا بأن يوزعوا الحيوانات على وجه البسيطة - قذفوا بالمغاثيروم
Megatherium
في جنوب أمريكا والأرخيوبتريك
Archeoepetryx
في أوروبا، وخلد الماء الأورنيثورنكس
Ornithorhynchus
صفحه نامشخص