بين الدين والعلم
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
ژانرها
وأنساكسيمنيس
Anaximenes
قد نمت هذه الفكرة نماء عظيما؛ فإن الأول منهما قد رأى أن الكون نتيجة لأسلوب من النشوء، في حين أن الثاني قد مضى متبعا خطوات سلفه عاملا على أن يخطو بهذا الأسلوب التفكيري خطوات أخرى، معتمدا في فكراته على مؤثرات من النشوء الكوني أيدها العلم الحديث.
هذه الفكرة العامة التي تثبت أن الطبيعة إنما تتبع في أساليبها طريق النشوء لا طريق الطفرة، قد استمرت ثابتة في الفكر اليوناني وتشعبت في طرائق كثيرة، منها الزائف ومنها الصحيح. على أنه من المحقق أن أفلاطون قد قاوم هذه الفكرة، غير أن أرسطوطاليس قد أقام من نواحيها وشيد من نقائصها متبعا أساليب كثيرا ما تذكرنا - إذا ما وقعنا عليها - بوجهات من النظر أقرها العلم في العصور الأخيرة.
أما في العصر الروماني فإن «لوكريشيوس»
Lucretius
قد عرف كثيرا من حقائقها؛ حتى لقد طبق الأسلوب النشوئي على كل الموجودات.
ولقد رأينا من قبل كيف أن الفكرة في الخلق المادي المباشر، وعلى الأساليب التي يتبعها الإنسان في أعماله العادية، قد تملكت عقول رجال الكنيسة الأولى حتى اكتسحت منها كل التصورات التي قامت على فكرة النشوء. ومن تلك الآراء الأولية التي ذاعت في الخلق منبثة في تضاعيف الأساطير البابلية ومن ثم اندمجت في تضاعيف سفر التكوين، استمدت الفكرات الأورثوذكسية تلقاء هذا الموضوع الخطير، وأخذت تنمو حتى أصبحت فيضا عرما ظل ينساب تياره الجارف طوال القرون الوسطى إلى الأعصر الحديثة، غير أن أمواج ذلك التيار الجارف المتلاطمة كثيرا ما كانت تتكسر بين آن وآخر على صخور صلدة من الأفكار الحرة اعتنقها رجال خصوا بقدر عظيم من البأس وشدة المراس؛ فإن «سقوطس إرغينا»
Scotus Erigena
و«ذنزسقوطس»
صفحه نامشخص