وما كدت أتمدد على الكنبة وأغمض عيني وألتقط أنفاسي وأعود إلى حالة السكون التي كنت عليها قبل أن يبددها شوقي والسكرتير، حتى دق الباب مرة ثالثة، وقمت وفي اعتقادي أنه السكرتير قد عاد ومعه البوليس أو عاد ومعه رفاقه، ولكن الطارق كان لورا، ولم أسأل نفسي لماذا جاءت ولا ماذا تريد. انتباهي كله انصب على أمر غريب؛ فبشرتها كانت تلمع لمعانا غير عادي، وكأنها خارجة لتوها من الحمام.
وأحسست أني لست بكامل قواي العقلية وأنا أرفع صوتي أكثر مما يجب وأقول لها: هاللو.
ورفعت حاجبين خفيفين أصفرين في دهشة وقالت: حسبتك نائما. وقلت وأنا أمد يدي وأتناول يدها، قلت وكأنني لا أخاطبها وإنما أخاطب جمعا حاشدا، أخاطب يوما عاصفا مزدحما جرت فيه أحداث هائلة كثيرة تستغرق عاما: أبدا أنا لست نائما، أنا مستيقظ، مستيقظ جدا، أنا أنتظرك، لي يوم بطوله وأنا أنتظرك. كنت أقول هذا وقد أغلقت الباب ووضعت يدها تحت إبطي وسحبتها ورائي وهي تسير بتردد وخوف قليل وقالت: تنتظرني! لماذا؟
قلت: أتذكرين يا لورا الدرس الذي أعطيتك إياه هنا؟
قالت ببراءة حقيقية: درس العربي؟
قلت: لا، الدرس الآخر، درس وظائف الأعضاء.
قالت: أوه.
قلت: لقد كان درسا نظريا يا عزيزتي.
وكنت أكلمها وظهري لا يزال إليها وواجهتها مكملا: أما الآن فموعد الدرس العملي.
وبوغتت وظهرت الدهشة واضحة أكثر من اللازم على ملامحها، وقالت بروح مسحوبة: ماذا تعني؟
صفحه نامشخص