وقال آخر:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ... ويخصب عندي والمحل جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ... ولكنما وجه الكريم خصيب
ثم قال الله ﵎ في باب آخر من صفة قريش والعرب: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا
وقال: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ
وقال: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ
. وقال: وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.
وعلى هذا المذهب قال: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ
. وقد قال الشاعر في نظر الأعداء بعضهم إلى بعض:
يتقارضون إذا التقوا في موقف ... نظرا يزيل مواطىء الأقدام
وقال الله ﵎: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ
، لأن مدار الأمر على البيان والتبيين، وعلى الأفهام والتفهم. وكلما كان اللسان أبين كان أحمد كما أنه كلما كان القلب أشد استبانة كان أحمد.
والمفهم لك والمتفهم عنك شريكان في الفضل، إلا أن المفهم أفضل من المتفهم وكذلك المعلم والمتعلم. هكذا ظاهر هذه القضية، وجمهور هذه الحكومة، إلا في الخاص الذي لا يذكر، والقليل الذي يشهر.
وضرب الله ﷿ مثلا لعيّ اللسان ورداءة البيان، حين شبه أهله بالنساء والولدان، فقال تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ
. ولذلك قال النمر بن تولب:
وكل خليل عليه الرعا ... ث والحبلات، ضعيف ملق
الرعاث: القرطة. والحبلات: كل ما تزينت به المرأة من حسن الحلى، والواحدة حبلة.
وليس، حفظك الله، مضرة سلاطة اللسان عند المنازعة، وسقطات الخطل يوم إطالة الخطبة بأعظم مما يحدث عن العيّ من اختلال الحجة، وعن
1 / 34