فقد بين الإمام أحمد، ما هو معلوم بالعقل الصريح، والفطرة البديهية؛ من أنه لا بد أن يكون خلق الخلق داخلًا في نفسه، أو خارجًا من نفسه، فالحصر في هذين القسمين معلوم بالبديهة، مستقر في الفطرة، إذ كونه خلقه لا داخلًا ولا خارجًا معلوم نفيه، مستقر في الفطرة عدمه، لا يخطر بالبال، مع سلامة الفطرة وصحتها، وقد بين أيضًا الإمام أحمد امتناع ما قد يقوله بعض الجهمية: من أنه في خلقه لا مماس ولا مباين، كما يقول بعضهم: أنه لا داخل الخلق ولا خارجه. فقال: «بيان ما ذكر الله في القرآن من قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ [الحديد: ٤] وهذا على وجوه: قول الله تعالى لموسى: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا﴾ [طه: ٤٦] يقول: في الدفع منكما. وقال: ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠] يعني: في الدفع عنا. وقال: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)﴾ [البقرة: ٢٤٩] يقول: في النصر لهم على عدوهم. وقال: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥] يعني: في النصر لكم على عدوكم. وقال: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ
1 / 41