مسألة: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيكم ما شك في صلاته فيتحرى إجزاء تلك الصلاة وليس عليه، ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو"، وقد اختلفوا في تأويل هذا الحديث فقالت طائفة من أهل الحديث: إذا شك المصلي في صلاته أنه يتحرى، /7/ والمتحري أن يميل قلبه إلى أحد العذرين إن استعمل حديث ابن مسعود، وهذا إذا لم يكن هكذا، فيشك في صلاته بنى على اليقين، على حديث أبي سعيد فيكون مستعملا للحديثين، وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا شك في ركعة أو ركعتين فإنه يتحرى ذلك أصوب له، ثم يسجد سجدتي السهو، ونحو ذلك قول النخعي. وقال أصحاب الرأي: إذا سها فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا، وذلك لما سها استقبل الصلاة، فإن لقي غير ذلك مرة تحرى الصلاة، فإن كان أكثر رأيه أنه أتم مضى على صلاته، وإن كان أكثر رأيه أنه صلى ثلاثا أتم الرابعة، ثم سجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث أبي سعيد، إذا رجع إلى التحري وهو أكثر الوهم سجد سجدتي السهو بعد التسليم على حديث ابن مسعود، وبه قال أبو خثيمة. وقد جلعت طائفة معنى التحري الرجوع إلى اليقين.
قال أبو سعيد -رحمه الله-: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا نحو ما حكي فيما يخرج من معاني اختلافهم في التحري إلا أنه لا يوجد في معنى قولهم التصريح؛ لأنه يعمل على ما استيقن عليه، ويبني عليه من الركعات، وقد يعجبني هذا القول لما يدخل من تأويل ما يخرج من معاني قولهم، وإن لم يكن مصرحا أن يكون يجوز له أن يبني على ما استيقن من الركعات، على معنى التحري لتمام الصلاة، حتى يعلم أنه ترك منها شيئا، ولا يضره لما زاد على معنى التحري، وأصل ما يخرج في مذهبهم على أكثر ما عندي من قولهم أنه يجوز الزيادة في الصلاة، كما لا يجوز فيها النقصان، وأنه مثله فلهذا ضاق أصل مذهبهم في معاني التحري على اليقين من المصلي بصلاته.
صفحه ۶۴