قال: والقبائح التي تعلم بالعقل هي الظلم والكذب والعبث، وتعظيم من لا يستحق التعظيم، واعتقاد الجهل وإرادة القبيح، وإن كان العلم بها متفاوتا فالعلم بقبح الثلاثة.
الأول: معدود في كمال العقل دون سائر القبائح العقلية.
قال: وقالت الأشعرية: بل للنهي، وقال بعض المجبرة: بل لكون الفاعل مملوكا مربوبا.
قال: والأقرب عندي أن هذا القول من تمام القول الأول، وليس بقول مستقل.
قال: وقالت البغدادية: بل لعينه.
قال: والأقرب عندي أنه كقولنا وأن البغدادية لا يقولون أن الظلم إنما قبح لكونه أكوانا فإن الانصاف أكوان كما أن الظلم أكوان، فمن البعيد أن يعللوا بذلك، ومن البعيد أيضا أن يقصدوا أنه قبح لكونه هذه العين؛ إذ معنى ذلك لكونه ليس غيره، وإذا كان معناه وكان هو علة القبح لزم أن يقبح الحسن لكونه ليس غيره، وهذا لا يخفى على من له عقل فضلا عن علماء ذوي بصائر.
قال: وإنما أرادوا ما أردناه من أن الظلم إنما قبح لكونه ظلما فكأنما عللناه بعينه لما قلنا قبح الظلم لكونه ظلما، فظاهر اللفظ يقتضي أن قبحه معلل بعينه، ولهذا جاءوا بهذه العبارة أعني أنه قبيح لعينه وهم يريدون ما أردنا حيث قلنا لكونه ظلما أي لكونه ضررا عاريا عن نفع ودفع واستحقاق، وهذا هو الذي يتلخص لي من مقصد البغدادية. والله أعلم.
قال: وقالت الأحشيذية بقبح القبيح للإرادة.
صفحه ۱۹