220

بیان مختصر

بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب

ویرایشگر

محمد مظهر بقا

ناشر

دار المدني

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

محل انتشار

السعودية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَإِنَّهُ سَلَبَ عَنْهُمُ الْإِيمَانَ مَعَ إِثْبَاتِ الْإِسْلَامِ لَهُمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِ الْمُعْتَزِلَةِ أَكْثَرُهَا مُزَيَّفَةٌ. أَمَّا قَوْلُهُمْ: الْعِبَادَاتُ: الدِّينُ الْمُعْتَبَرُ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: ٥] فَلَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ وَاحِدٌ مُذَكَّرٌ، وَمَا تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مُؤَنَّثٌ.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْإِيمَانُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا﴾ [آل عمران: ٨٥] إِلَى آخِرِهِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ: مَنِ ابْتَغَى غَيْرَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّينَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، لَا عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِيمَانُ غَيْرَ دِينٍ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا. وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ، فَهِيَ أَيْضًا لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْإِيمَانُ. غَايَةٌ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَصْدُقُ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِسْلَامُ هُوَ الْإِيمَانُ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ لِلْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ فِي الشَّرْعِ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ فِي الشَّرْعِ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ، لَكَانَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ مُؤْمِنًا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْعِ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ، لَكَانَ فِي الشَّرْعِ هُوَ التَّصْدِيقُ الْخَاصُّ، وَهُوَ تَصْدِيقُ النَّبِيِّ ﷺ بِمَا عَلِمَ مَجِيئُهُ مِنْهُ ; إِذْ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ. وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ الْخَاصُّ، كَانَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ مُؤْمِنًا، ضَرُورَةَ كَوْنِهِ مُصَدِّقًا.
وَأَمَّا بَيَانُ انْتِفَاءِ التَّالِي فَلِأَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ مُخْزًى، وَالْمُؤْمِنُ لَا يَخْزَى، فَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ.
وَأَمَّا بَيَانُ الصُّغْرَى فَلِأَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ يَدْخُلُ النَّارَ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: ١١٤] .
وَكُلُّ مَنْ أُدْخِلَ فِي النَّارِ فَهُوَ مُخْزًى ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ [آل عمران: ١٩٢] . فَقَاطِعُ الطَّرِيقِ مُخْزًى. وَأَمَّا بَيَانُ الْكُبْرَى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ [التحريم: ٨] .

1 / 228