الفصل العاشر فى باقى المقولات العشر
وأما الأين فهى الحالة التى للجسم يجاب بها حين يسأل أين هو وهى كون الجسم (1) فى مكانه، وهذا أشد اشتباها بالمضاف من سائر ما عددناه.
وفى التحقيق ليس هو مجرد نسبة الى المكان، بل هو أمر وهيئة تتم بالنسبة الى المكان فاذا أخذت تلك النسبة وحدها كانت مضافا حقيقيا وهى كون المتمكن محويا.
وهذه الاضافة ليست الى المكان من حيث هو مكان بل إليه من حيث هو حاو، فان المكان من حيث هو مكان ليس من المضاف، بل هو سطح مع عارض وهو احتواؤه على محوى، فهذا العارض فيه من المضاف وهى النسبة التى بين المحوى والحاوى. وليس الكون فى المكان هو الكون فى الأعيان الذي هو الوجود، فانا قد بينا أن الوجود ليس جنسا لما تحته ولو كان الكون فى المكان هو الوجود لكان (2) الكون فى الزمان أيضا كذلك، فيكون للشىء وجودات كثيرة. ومن الأين ما هو أول حقيقى وهو كون الشيء فى مكانه الخاص به الذي لا يسع معه غيره، ككون الماء فى الكوز، ومنه ما هو ثان غير حقيقى كما يقال: فلان فى البيت ومعلوم أن جميع البيت لا يكون مشغولا به، بحيث يماس ظاهره جميع جوانب البيت وأبعد منه الدار وأبعد منه البلد بل الإقليم بل المعمورة بل الأرض كلها بل العالم.
غ
صفحه ۱۲۷