بلاغت عصری و زبان عربی
البلاغة العصرية واللغة العربية
ژانرها
وهذه النزعة العلمية في الشعب هي التي تحفز على التخصص العلمي وعلى مكافأة العلميين والاستماع لهم في نصائحهم وتوصياتهم بشأن الارتقاء المادي لبلادنا وهو؛ أي هذا الارتقاء المادي أساس الارتقاء الاجتماعي والثقافي والفني.
والحروف اللاتينية هي وسيلة العلم ولا وسيلة غيرها؛ لأن حضارة أوروبا هي الحضارة العلمية التي تربط الحاضر بالمستقبل في حين أن حضارتنا في مصر تربط الحاضر بالماضي وتشبثنا بحضارتنا هو عناد لا أكثر وهو عناد قد أومأنا إلى أسبابه ويجب أن نكف عنه.
لقد مضى علينا ثلاثون سنة بل أكثر (في 1945) ونحن في استقلال ثقافي ومع ذلك لم نتجه الوجهة العلمية؛ لأن حروف لغتنا العربية لا تلائم العلم؛ إذ إن كلمات العلوم تؤلف من كلمات لاتينية أو إغريقية لن نعرف كيف ننطق بها حروفنا العربية الحاضرة؛ ولذلك لن نعرف معانيها.
وبرهان الضرر العظيم الذي يعود علينا من التزام الحروف العربية هو أن العلميين الجامعيين من الأساتذة لا يزالون يؤلفون كتبهم ويلقون محاضراتهم باللغة الإنجليزية دون اللغة العربية.
ثم يجب ألا ننسى المعنى الإنساني السامي في اتخاذ الحروف اللاتينية، معنى الانضمام في الثقافة إلى ألف مليون إنسان متمدن نحيل الانفصال بيننا وبينهم إلى اتصال والخلاف إلى وفاق، وفي كل هذا سلم وحب وإنسانية.
الفصل الخامس والثلاثون
تلخيص
سبق أن قلت: إن الذي بعثني على تأليف هذه الرسالة أو هذا الكتاب هو مقال نشره «الأستاذ أحمد أمين» في مجلة الثقافة بشأن ما يطرأ على الكلمات من تغيير؛ لاختلاف الزمان أو المكان الذي تستعمل فيه. وأرجو من القارئ أن يعرف أن ما كتبته هو بمثابة التعقيب أو الشرح «الذي قد لا يرضاه أحمد أمين» لهذا المقال، وغايتي - قبل كل شيء - المناقشة؛ حتى نصل إلى تمحيص جديد لمعاني الكلمات، واستخدام هذه الكلمات في بلاغة جديدة للفهم السديد.
ومع أن ما سبق إنما هو تلخيص فإني أعتقد أن القارئ يحتاج هنا إلى تلخيص التلخيص؛ حتى تبرز الأعلام المهمة لهذا الموضوع: (1)
يجب أن نكبر من شأن لغتنا العربية، وأن نوليها أعظم اهتمامنا؛ لأنها وسيلة التفكير ولا يمكن التفكير الحسن بلا لغة حسنة. (2)
صفحه نامشخص