265

بکائیات

بكائيات: ست دمعات على نفس عربية

ژانرها

أمعن في الطغيان؟

الجوقة :

ويلك أنت الطاغية

وأنت الطغيان.

أنت الرجس فغادر طيبة

منذ الآن.

غادر طيبة منذ الآن.

أوديب :

وضحكت يا ابنتي كما لم أضحك في حياتي. وتلفت إلى الشيوخ فلم أر الوجوه التي كانت تتطلع في وجهي. لقد التفت في عباءاتها السوداء، وراحت أجسادها تنتفض كأنما اهتز من تحتها الزلزال أو انفجر البركان. واندفعت إلى القصر، وأنا لا أدري إن كنت أضحك أم أبكي أم أصرخ. وصعدت الدرج لاهث الأنفاس. خيل إلي أنني سمعت صرخة رنت في أذني كعواء كلب مسعور. وعبرت البهو الكبير والصرخة ما تزال تدوي في سمعي. ودفعت باب الحجرة التي تنامين فيها مع إخوتك. هل شعرت ساعتها بأنني عملاق أوليمبي يتحدى آلهة القدر أم طفل مرتعش القدمين ينوح عند مهد أطفاله ويغسل أقدامهم الصغيرة بدموعه؟ كانت الحجرة مظلمة إلا من بصيص نور باهت يتسرب من الشموع الموقدة في البهو. وفتحت عينيك الواسعتين يا حبيبتي في الظلام، وجلست في سريرك وأنت تهمسين: أبي؟

تحسست رأسك الجميل وشعرك الناعم، وربت على صدر أختك النائمة، وقلت: النبوءة يا صغيرتي! النبوءة تريد أن تحرمني منك؟ قلت: النبوءة؟ ما معنى هذا يا أبي؟ صحت بأعلى صوتي: النبوءة التي روجوها في كل مكان. الأسطورة التي نسجوها قبل مولدي. منذ عشرين سنة وهم يسوونها على نار الغدر لتحرقني وتحرقكم. منذ عشرين سنة وهم يفترون على الآلهة، ويكذبون على لسانهم وطيبة تصدق ما يقولون، وشيوخها يتأوهون أمام القصر ويبكون. طيبة تلقي الفأس من يدها، وتخرس القلم والقيثارة وتترك الدفة للأعاصير. طيبة قررت أن تقتل أباك يا حبيبتي، أن تسحقه وتسحق أبناءه وملكه وبطولته. وفجأة سمعت صوتها، صوتها المهيب الحنون يتسلل إلى ظلام الحجرة، ويسحبني منها فأنقاد إليه كالحجر الأخرس.

صفحه نامشخص