Bahuth wa Maqalat fi al-Lugha
بحوث ومقالات في اللغة
ناشر
مكتبة الخانجي بالقاهرة
شماره نسخه
الثالثة ١٤١٥هـ
سال انتشار
١٩٩٥م
ژانرها
وقد أكثر النحويون والمفسرون علماء اللغة العرب، القول في تخريج هاتين الآيتين الكريمتين، فقد قال الإمام القرطبي، في تفسير الآية الأولى مثلا: " ﴿ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾، أي عمي كثير وصم، بعد تبين الحق لهم بمحمد ﵇، فارتفع "كثير" على البدل من الواو، كما تقول: رأيت قومك ثلثيهم، وإن شئت كان على إضمار مبتدأ، أي العمي والصم كثير منهم. ويجوز أن يكون على لغة من قال: أكلوني البراغيث"١.
كما قال في الآية الثانية: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، أي تناجوا فيما بينهم بالتكذيب، ثم بين من هم، فقال: الذين ظلموا، أي الذين أشركوا، فالذين ظلموا بدل من الواو في "أسروا" وهو عائد على الناس المتقدم ذكرهم. قال المبرد: وهو كقولك: إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله، فبنو بدل من الواو في: انطلقوا. وقيل: هو رفع على الذم، أي هم الذين ظلموا. وقيل: على حذف القول، أي يقول الذين ظلموا. وقول رابع: أن يكون منصوبا بمعنى: أعنى الذين ظلموا وأجاز الفراء أن يكون خفضا بمعنى: اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم، فهذه خمسة أقوال. وأجاز الأخفش الرفع على لغة من قال: أكلوني البراغيث، وهو حسن. وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير، ومجازة: والذين ظلموا أسروا النجوى"٢.
تلك هي آراء المفسرين والنحاة واللغويين العرب، في هذه الظاهرة، وهم فيها مقلبون لكل الأوجه الممكنة في العربية، من التخريج والتأويل. غير
_________
١ تفسير القرطبي ٦/ ٢٤٨.
٢ تفسير القرطبي ١١/ ٢٦٨ وانظر معاني القرآن للفراء ١/ ٣١٦.
1 / 68