210

البحر المحیط در علم اصول فقه

البحر المحيط في أصول الفقه

ناشر

دار الكتبي

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

القاهرة

فَعَلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ يَبْنِي عَلَى الْإِبَاحَةِ تَلَقِّيًا مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَبْنِي عَلَى الْحَظْرِ تَلَقِّيًا مِنْ الشَّرْعِ، فَلَا مَخْرَجَ عَنْ الشَّرْعِ. اهـ. وَحَكَى ابْنُ فُورَكٍ عَنْ ابْنِ الصَّائِغِ: أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَخْلُ الْعَقْلُ قَطُّ مِنْ السَّمْعِ، وَلَا نَازِلَةٌ إلَّا وَفِيهَا سَمْعٌ أَوْ لَهَا تَعَلُّقٌ بِهِ. أَوْ لَهَا حَالٌ يُسْتَصْحَبُ. قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى هَذَا، وَيُغْنِي عَنْ النَّظَر فِي حَظْرٍ، وَإِبَاحَةٍ، وَوَقْفٍ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: فَائِدَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ قَوْلِنَا إنَّهُ لَمْ يَخْلُ زَمَانُ الْعُقَلَاءِ عَنْ شَرْعٍ وَتَكْلِيفٍ مِنْ اللَّهِ يَظْهَرُ فِي حَادِثَةٍ تَقَعُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ: فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا الْوَقْفَ مَعَ نَفْيِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ عَمَّنْ اعْتَقَدَ فِيهَا حَظْرًا أَوْ إبَاحَةً أَوْ وَقْفًا. وَيَكُونُ حُكْمُهَا الْحَظْرَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ قَبْلَهُ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْقَوَاطِعِ ": فَائِدَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفِقْهِ أَنَّ مَنْ حَرَّمَ شَيْئًا أَوْ أَبَاحَهُ، فَقَالَ: طَلَبْت دَلِيلَ الشَّرْعِ فَلَمْ أَجِدْهُ فَبَقِيتُ عَلَى حُكْمِ الْعَقْلِ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ إبَاحَةٍ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ هَذَا دَلِيلٌ يَلْزَمُ خَصْمُهُ أَمْ لَا؟ وَهَذَا أَمْرٌ يَحْتَاجُ الْفَقِيهُ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: سَمِعْت ابْنَ دَاوُد يَحْتَجُّ عَلَى إبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي غَيْرِ الشُّرْبِ.
فَقَالَ: الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِ الشُّرْبِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى التَّحْلِيلِ.

1 / 212