207

البحر المحیط در علم اصول فقه

البحر المحيط في أصول الفقه

ناشر

دار الكتبي

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۴ ه.ق

محل انتشار

القاهرة

أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى بُطْلَانِ الْعَقْلِ، وَأَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ إنَّمَا يَتَعَقَّلُ بِالشَّرْعِ. قَالَ: وَهَذَا لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا نَقُولُ لَهُ: هَلْ لِلْعَقْلِ فِي هَذَا " لَوْ " انْفَرَدَ؟ وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا. قُلْنَا: لَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ. وَإِنْ أَرَادَ الْجَوَازَ أَقَمْنَا الْأَدِلَّةَ عَلَى أَنَّ لِلْعَقْلِ دَخْلًا فِي الْجَوَازِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الرَّاجِحُ عِنْدَنَا الْوَقْفُ. وَنَعْنِي بِهِ الْقَطْعَ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِي حَقِّنَا. قَالَ: وَأَشَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْقَائِلِ بِالْإِبَاحَةِ وَالْقَائِلِ بِالْوَقْفِ لَفْظِيٌّ وَظَنَّ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِالْإِبَاحَةِ هَاهُنَا اسْتِوَاءَ الْفِعْلِ وَتَرْكَهُ فِي بَابِ الذَّمِّ وَغَيْرِهِ. لَكِنَّ غَيْرَهُ مِنْ أَئِمَّتِنَا النَّاقِلِينَ لِهَذَا الْمَذْهَبِ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا بِالْحَظْرِ أَوْ الْإِبَاحَةِ لَيْسَ مُوَافِقًا لِلْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أُصُولِهِمْ بَلْ لِمُدْرِكٍ شَرْعِيٍّ. أَمَّا التَّحْرِيمُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٤] وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ قَبْلَ الْحِلِّ التَّحْرِيمُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَلَى الْحَظْرِ. وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩] فَهَذِهِ مَدَارِكُ شَرْعِيَّةٌ دَالَّةٌ عَلَى الْحَالِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَلَوْ لَمْ تَرِدْ هَذِهِ النُّصُوصُ لَقَالَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ: لَا عِلْمَ لَنَا بِتَحْرِيمٍ، وَلَا إبَاحَةٍ. بِخِلَافِ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُدْرِكُ عِنْدَنَا الْعَقْلُ وَلَا يَضُرُّنَا عَدَمُ وُرُودِ الشَّرْعِ.

1 / 209