95

بحر مدید در تفسیر قرآن مجید

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

پژوهشگر

أحمد عبد الله القرشي رسلان

ناشر

الدكتور حسن عباس زكي

شماره نسخه

١٤١٩ هـ

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

تفسیر
محمد ﷺ وصفته التي في كتابكم، بِالْباطِلِ الذي تريدونه تحريفًا وتأويلا، وَلا تَكْتُمُوا الْحَقَّ الذي عندكم من ذكر محمد وصحة رسالته، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنكم محرفون، ولابسون عنادًا وحسدًا، فيحل عليكم غضبي وعقابي، وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى. فإذا حصلتم أصول الدين، وهو الإيمان، فاشتغلوا بفروعه، وهي الصلاة والزكاة وغيرهما، فأدوهما على منهاج المسلمين. واجعلوا صلاتكم في جماعة المؤمنين فإنَّ صلاة الجماعة تُفضلُ غيرها بسبعٍ وعشرين درجة، مع سريان الأسرار واقتباس الأنوار من الصالحين والأبرار، وبالله التوفيق. الإشارة: إذا توجَّه الخطاب إلى طائفة مخصوصة، حمله أهل الفهم عن الله على عمومه لكل سامع، فإن الملك إذا عاتب قومًا بمحضر آخرين، كان المراد بذلك تحذير كل مَن يسمع، فكأن الحق ﷻ يقول: يا بني آدم اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، وتفكروا في أصولها وفروعها، واشكروني عليها بنسبتها إليَّ وحدي، فإنه لا منعم غيري، فمن شكرني شكرته، ومن فيض إحساني وبري مددته، ومن كفر نعمتي سلبته، وعن بابي طردته، وأوفوا بعهدي بالقيام بوظائف العبودية، أوف بعهدكم بأن أطلعكم على أسرار الربوبية. أو: أوفوا بعهدي بالقيام برسوم الشريعة، أوفِ بعهدكم بالهداية إلى منار الطريقة، أو: أوفوا بعهدي بسلوك منهاج الطريقة، أوفِ بعهدكم بالإيصال إلى عين الحقيقة، أو: أوفوا بعهدي بالاستغراق في بحر الشهود، أوفِ بعهدكم بالترقي أبدا إلى الملك الودود، وخصّوني بالرهب والرغب، وتوجهوا إليّ في كل سؤال وطلب، أعطف عليكم بعنايتي وودي، وأمنحكم من عظيم إحساني ورفدي، وآمنوا بما أنزلت على قلوب أوليائى، من مواهب أسراري وآلائي، تصديقًا لما أتحفت به رسلي وأنبيائي، فكل ما ظهر على الأولياء فهو معجزة للأنبياء وتصديق لهم، ولا تبادروا بالإنكار على أوليائي، فتكونوا سببًا في طرد عبادي عن بابي، ولا يمنعكم حب الرئاسة والجاه عن الخضوع إلى أوليائي، ولا ترقبوا أحدًا غيري، فإني أمنعكم من شهود سري. ولا تلبسوا الحق بالباطل، فتظهروا شعار الصالحين وتبطنوا أخلاق الفاسقين، تتزيوا بزى الأولياء، وتفعلوا فعل الأغوياء، وإذا تحققتم بخصوصية أحد من عبادي، فلا تكتموها عن أهل محبتي وودادي، وأقيموا صلاة القلوب بالخضوع تحت مجاري الأقدار، وأدّوا زكاة النفوس بالذل والانكسار، وكونوا مع الخاشعين، واركعوا مع الراكعين، أمنحكم معونتي ونصري، وأفيض عليكم من بحر إحساني وبري، أنا عند المنكسرة قلوبُهم من أجلى. ثم وبّخ الحق تعالى من عرف الحق وحرم نفسه منه من أهل الكتاب وغيرهم، فقال: [سورة البقرة (٢): آية ٤٤] أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤) قلت: البر، بالكسر: يجمع وجوه الخير وأنواع الطاعات، والنسيانُ: الترك.

1 / 100