بحر مدید در تفسیر قرآن مجید
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الأنجري الفاسي الصوفي (المتوفى: 1224هـ) - ۱۲۲۴ ه.ق
پژوهشگر
أحمد عبد الله القرشي رسلان
ناشر
الدكتور حسن عباس زكي
شماره نسخه
١٤١٩ هـ
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
تفسیر
الإشارة: كيف تنكرون ظهور نور الحق في الأكوان، وتبعدون عن حضرة الشهود والعيان، وقد كنتم أمواتًا بالغفلة وغم الحجاب، فأحياكم باليقظة والإياب، ثم يميتكم بالفناء عن شهود ما سواه، ثم يحييكم بالرجوع إلى شهود أثره بالله، ثم إليه ترجعون في كل شيء لشهود نوره في كل شيء، وقبل كل شيء، وبعد كل شيء، وعند كل شيء «كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان» .
ولمَّا ذكر نعمة الإيجاد أتبعها بنعمة الإمداد، فقال:
[سورة البقرة (٢): آية ٢٩]
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)
قلت: جَمِيعًا حال مؤكدة من ما، وثُمَّ للترتيب الذكري لا الخارجي «١» لأن دحو الأرض مؤخر عن خلق السماء، إلا أن يكون العطف على معنى الجملة، والتقدير: هُوَ الذى خَلَقَ لَكُمْ الأرض مشتملة على جميع منافعكم، ثم استوى إلى السماء فخلقهن سبعًا، ثم دحا الأرض وبسطها.
والتسوية: خلق الأشياء سالمة من العوج والخلل، و(سبع): بدل من الضمير، أو بيان له، وجملة وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تعليل لِما قبله. أي: ولكونه عالمًا بكنه الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل والوجه الأنفع.
يقول الحق ﷻ على لسان الواسطة: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لأجلكم ما استقر فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا تنتفعون به في الظاهر قوتًا لأشباحكم، ودواء لأبدانكم، ومتعة لنفوسكم، وتنتفعون به في الباطن بالتفكر والاعتبار، وزيادة في إيمانكم وقوة لإيقانكم، ثم قصد إِلَى السَّماءِ قصد إرادة، فخلقهن سَبْعَ سَماواتٍ مستوية تامة، ليس فيها تفاوت ولا خلل، تظلكم بجرمها، وتضيء عليكم بشمسها وقمرها وكواكبها، وقد أحاط علمه بالأشياء كلها، فلذلك خلقها على هذا النمط الغريب والإتقان العجيب.
الإشارة: يا عبادي خلقتُ الأشياء كُلَّها من أجلكم، الأرض تُقلكم، والسماء تُظلكم، والجهات تَكْتَنِفُكُمْ والحيوانات تخدُمكم، والنباتات تنفعكم، وخلقتكم من أجلي، فكيف تميلون إلى غيري، وتنسَوْن إحساني وبرِّي؟!! الأشياء كلها عبيدكم وأنتم عبيد الحضرة، «أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون، فإذا شهدت المكون كانت الأكوان معك» .
(١) أي: ترتيب الإخبار، لا ترتيب الأمر فى نفسه.
1 / 92