148

بحر مدید در تفسیر قرآن مجید

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

ویرایشگر

أحمد عبد الله القرشي رسلان

ناشر

الدكتور حسن عباس زكي

شماره نسخه

١٤١٩ هـ

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

تفسیر
الإشارة: من جملة ما دخل على بعض الفقراء أنهم يَخُصون الخصوصية بهم وبمن تبع شيخهم، وينفونها عن غيرهم، وهذه نزعة يهودية، وتحكم على القدرة الإلهية، فيقال لهم: تلك أمانيكم الفارغة، بل ينالها غيركم، فمن قصد الله صادقًا وجده، وأنجز بالوفاء موعده، فمن خضع لله وانقاد لأولياء الله، فله أجره عند ربه، وهو المعرفة به، ولا خوف عليه من القطيعة، ولا يحزن على فوات نصيبه من المعرفة. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
ولما قدم نصارى نجران على النبي ﷺ سمعت بهم اليهود، فجاءوا إليهم، وتناظروا حتى تسابوا، وكفر اليهود بعيسى وبملّته والإنجيل، وكفر النصارى بموسى وبالتوراة، فأنزل الله فى شأنهم:
[سورة البقرة (٢): آية ١١٣]
وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)
يقول الحق ﷻ إخبارًا عن مقالات اليهود والنصارى وتقبيحًا لصنيعهم: وَقالَتِ الْيَهُودُ في الرد على النصارى: لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ يعتد به، وَقالَتِ النَّصارى في سَبِّ اليهود: لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ يعتمد عليه، والحالة أنهم يَتْلُونَ الْكِتابَ، فاليهود يتلون التوراة وفيها البشارة بعيسى ﵇، والنصارى يتلون الإنجيل، وفيه تقرير شريعة التوراة وصحة نبوة موسى ﵇، فقد كفرت كلُّ فرقة بكتابها غضبًا وتعصبًا، ومثل مقالتهم هذه قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، وهم المشركون، فقالوا: ليس المسلمون على شيء، فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فيدخل أهل الحق الجنة وأهلَ الباطل النار. وبالله التوفيق.
الإشارة: كل ما قصه الحق تعالى علينا من مساوئ غيرنا فالمقصود به التنفير والتحذير من مثل ما ارتكبوه، والتخلق بضد ما فعلوه، فكل من تراه ينقص الناس ويصغّرهم فهو أصغرهم، وكل من تراه يقول: أصحاب سيدي فلان ليسوا على شيء، وأصحاب سيدي فلان ليس عندهم شيء، فليس هو على شيء، وقد ابتلي بعض المتصوفة بهذا الوصف الذميم، ينصب الميزان على الناس، فيسقط قوما ويرفع آخرين، وهو يتلو كتاب الله، ويسمع قوله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ... الآية.

1 / 153