81
الشمس وذهب الضباب، استبان لهم ذلك، فلما قدموا على رسول الله ﷺ سألوه عن ذلك فنزلت هذه الآية وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، يعني أينما تولوا وجوهكم في الصلاة فثم وجه الله قال بعضهم: فثم قبلة الله. ويقال يعني: فثم رضا الله. ويقال: فثم ملك الله. وروى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن قومًا خرجوا إلى السفر وذكر القصة نحو هذا. وقال بعضهم: المراد به الصلاة على الدابة. قال الفقيه: حدثنا محمد بن سعيد المروزي قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال: حدّثنا علي بن شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر- ﵄ قال: كان رسول الله ﷺ يصلي على راحلته التطوع، حيث ما توجهت به وهو جاءٍ من مكة، ثم قرأ ابن عمر: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. قال ابن عمر: في هذا نزلت هذه الآية. وقال بعضهم: لنزول هذه الآية سبب آخر، وذلك أن النبيّ ﷺ كان يصلي إلى بيت المقدس، فَلَمَّا أمر بالتحول إلى الكعبة، قالت اليهود: مرة تصلون هكذا، ومرة تصلون هكذا، فنزلت هذه الآية: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ثم قال: إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ، أي الواسع الجواد المحسن الذي يقبل اليسير، ويعطي الجزيل عليم بصلواتكم. ويقال: الواسع الغني عن صلاة الخلق وإنما يطلب منهم النية الخالصة ويقال: واسع يعني يوسع عليكم أمر الشرائع، ولم يضيق عليكم الأمر. ويقال: واسع، يعني واسع الفضل. وقال الزجاج: معنى قوله: فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، أي اقصدوا وجه الله بنيتكم القبلة، كقوله: وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: ١٤٤ و١٥٠] . [سورة البقرة (٢): الآيات ١١٦ الى ١١٧] وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام قالُوا بغير واو. وقرأ الباقون بالواو، ومعناهما واحد إلا أن الواو للعطف وذلك أن اليهود قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال بعض المشركين: الملائكة بنات الله. قال الله تعالى: سُبْحانَهُ، نزه نفسه عن الولد. بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كلهم عبيده كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ، يعني به المؤمنين خاصة، أي مطيعين مقرين بالعبودية له موحدين مجيبين للطاعة. وقد قيل: إن لفظ الآية عام والمراد به الخاص. قوله تعالى: كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ يعني به المؤمنين خاصة. ويقال معناه: أثر صنعه وشواهد توحيده ودلائل ربوبيته في جميع ما في

1 / 87