أخبرنا الفقيه، أبو جعفر قال: حدثنا أبو بكر، أحمد بن محمد بن سهل، القاضي قال:
حدثنا أحمد بن جرير قال: حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد قال: حدثنا هشام بن القاسم قال: حدثنا حمزة بن المغيرة، عن عاصم، عن أبي العالية في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ قال: هو النبي ﵇ وصاحباه من بعده أبو بكر- وعمر ﵄ قال عاصم: فذكرت ذلك للحسن البصري فقال: صدق والله أبو العالية ونصح.
وقوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ أي غير طريق اليهود. يقول: لا تخذلنا بمعصيتنا، كما خذلت اليهود فلم تحفظ قلوبهم، حتى تركوا الإسلام.
وَلَا الضَّالِّينَ يعني ولا النصارى، لم تحفظ قلوبهم وخذلتهم بمعصيتهم حتى تنصروا. وقد أجمع المفسرون أن المغضوب عليهم أراد به اليهود، والضالين أراد به النصارى، فإن قيل: أليس النصارى من المغضوب عليهم؟ واليهود أيضًا من الضالين؟ فكيف صرف المغضوب إلى اليهود، وصرف الضالين إلى النصارى؟ قيل له: إنّما عرف ذلك بالخبر واستدلالًا بالآية. فأما الخبر، فما روي عن رسول الله ﷺ أن رجلًا سأله وهو بوادي القرى:
من المغضوب عليهم؟ قال: اليهود قال: ومن الضالين؟ فقال: النصارى وأما الآية، فلأن الله تعالى قال في قصة اليهود: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ [البقرة: ٩٠] وقال تعالى في قصة النصارى: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [المائدة: ٧٧] .
«آمين» ليس من السورة. ولكن روي عن النبيّ ﷺ أنه كان يقوله ويأمر به، ومعناه ما قال ابن عباس: يعني كذلك يكون. وروي عن مجاهد أنه قال: هو اسم ن أسماء الله تعالى ويكون معناه: يا الله استجب دعاءنا. وقال بعضهم: هي لغة بالسريانية. وروي عن النبيّ ﷺ أنه قال: مَا حَسَدَتْكُمْ اليَهُودُ فِي شَيْءٍ، كَحَسَدِهِمْ فِي «آمين» خَاتَمِ رَبِّ العَالَمِينَ، يَخْتِمُ بِهِ دُعَاءَ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ. وقال مقاتل: هو قوة للدعاء واستنزال للرحمة. وروى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس- ﵄: سألت رسول الله ﷺ ما معنى آمين؟ قال: رَبِّ افْعَلْ. ويقال: فيه لغتان «أمين» بغير مد، و«آمين» بالمد، ومعناهما واحد، وقد جاء في أشعارهم كلا الوجهين. قال القائل:
تَبَاعَدَ عَنِّي فُطْحُلٌ إِذْ دَعَوْتُه ... آمِينَ فَزَادَ الله مَا بَيْنَنَا بُعْدَا
وقال الآخر:
يَا رَبِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّهَا أَبَدَا ... وَيَرْحَمُ الله عَبْدًا قَالَ: آمِينَا
وصلى الله على سيدنا محمد.
1 / 19