صالح، مولى أم هانئ، عن ابن عباس- ﵄ في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ قال:
الشكر لله. ومعنى قول ابن عباس: الشكر لله، يعني الشكر لله على نعمائه كلها وقد قيل:
(الحمد لله) يعني الوحدانية لله. وقد قيل: الألوهية لله. وروي عن قتادة أنه قال: معناه الحمد لله، الذى لم يجعلنا من المغضوب عليهم ولا الضالين. ثم معنى قوله (الحمد لله) قال بعضهم: «قل» فيه مضمر يعني: قُلِ: الحمد لِلَّهِ. وقال بعضهم: حمد الرب نفسه، ليعلم عباده فيحمدوه.
وقال أهل اللغة: الحمد هو الثناء الجميل، وحمد الله تعالى هو: الثناء عليه بصفاته الحسنى، وبما أنعم على عباده، ويكون في الحمد معنى الشكر وفيه معنى المدح وهو أعم من الشكر، لأن الحمد يوضع موضع الشكر، ولا يوضع الشكر موضع الحمد. وقال بعضهم:
الشكر أعم، لأنه باللسان وبالجوارح وبالقلب، والحمد يكون باللسان خاصة. كما قال اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا [سبأ: ١٣] .
وروي عن ابن عباس أنه قال: الحمد لله كلمة كل شاكر، وذلك إن آدم ﵇، قال حين عطس: الحمد لله فقال الله تعالى: يرحمك الله، فسبقت رحمته غضبه. وقال الله تعالى لنوح: فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [المؤمنون: ٢٨] وقال إبراهيم- ﵇: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [إبراهيم: ٣٩] وقال في قصة داود وسليمان: وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل: ١٥] وقال لمحمد- ﵇: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا [الإسراء: ١١١] وقال أهل الجنة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فاطر: ٣٤] فهي كلمة كل شاكر.
وقوله تعالى: رَبِّ الْعالَمِينَ قال ابن عباس- ﵄: سيد العالمين. وهو رب كل ذي روح تدب على وجه الأرض. ويقال: معنى قوله رَبِّ الْعالَمِينَ: خالق الخلق ورازقهم ومربيهم ومحولهم من حال إلى حال، من نطفة إلى علقة، ومن علقة إلى مضغة.
والرب في اللغة: هو السيد قال الله تعالى: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ [يوسف: ٥٠]، يعني إلى سيدك. والربّ: هو المالك يقال: ربّ الدار، وربّ الدابة والرب هو المربي من قولك: ربى يربي. وقوله: (العالمين) كل ذي روح ويقال: كل من كان له عقل يخاطب، مثل بني آدم والملائكة والجن، ولا يقع على البهائم ولا على غيرها. وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال:
«إن لله تَعَالَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ألْفَ عَالَمٍ، وَإنَّ دُنْيَاكُمْ مِنْهَا عَالَمٌ وَاحِدٌ» ويقال: كل صنف من الحيوان عالم على حده.
قوله ﷿: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال في رواية الكلبي: هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر. وقال بعض أهل اللغة: هذا اللفظ شنيع، فلو قال: هما اسمان لطيفان، لكان
1 / 16