Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
پژوهشگر
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
شماره نسخه
الأولى ١٤٢٢هـ
سال انتشار
٢٠٠٢م
ژانرها
مُسَرْبل بالعافية. ويشاهد خلقًا كثيرًا قد ابتُلوا ببلاء أفظع من ذلك، بانحراف الدين، والوقوع في قاذورات المعاصي. والله قد حفظه منها أو من كثير منها.
ويتأمل أناسًا كثيرين قد استولى عليهم الهم، وملكهم الحزن والوساوس، وضيق الصدر، ثم ينظر إلى عافيته من هذا الداء، ومنة الله عليه براحة القلب، حتى ربما كان فقيرًا يفوق بهذه النعمة - نعمة القناعة وراحة القلب - كثيرًا من الأغنياء.
ثم من ابتلي بشيء من هذه الأمور يجد عالمًا كثيرًا أعظم منه وأشد مصيبة، فيحمد الله على وجود العافية وعلى تخفيف البلاء، فإنه ما من مكروه إلا ويوجد مكروه أعظم منه.
فمن وفق للاهتداء بهذا الهدي الذي أرشد إليه النبي ﷺ لم يزل شكره في قوة ونمو، ولم تزل نعم الله عليه تترى وتتوالى. ومن عكس القضية فارتفع نظره وصار ينظر إلى من هو فوقه في العافية والمال والرزق وتوابع ذلك، فإنه لا بد أن يزدري نعمة الله، ويفقد شكره. ومتى فقد الشكر ترحلت عنه النعم وتسابقت إليه النقم، وامتحن بالغم الملازم، والحزم الدائم، والتسخط لما هو فيه من الخير، وعدم الرضى بالله ربًا ومدبرًا. وذلك ضرر في الدين والدنا وخسران مبين.
واعلم أن من تفكر في كثرة نعم الله، وتفطن لآلاء الله الظاهرة والباطنة، وأنه لا وسيلة إليها إلا محض فضل الله وإحسانه، وأن جنسًا من نعم الله لا يقدر العبد على إحصائه وتعداده، فضلًا عن جميع الأجناس، فضلًا عن شكرها. فإنه يضطر إلى الاعتراف التام بالنعم، وكثرة الثناء على الله، ويستحي من ربه أن يستعين بشيء من نعمه على ما لا يحبه ويرضاه، وأوجب له الحياء من ربه الذي هو من أفضل شعب الإيمان فاستحيى من ربه أن يراه حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره.
ولما كان على الشكر مدار الخير وعنوانه قال ﷺ لمعاذ بن جبل: "إني أحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"١ وكان يقول: "اللهم
_________
(١) أخرجه: أحمد ٥/٢٤٤، وأبو داود رقم: ١٥٢٢، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" ١٠٩، و"الصغرى" ٣/٥٣، وابن خزيمة ٢٠٢٠، والطبراني في "الكبير" ٢٠/٢٥٠، وأبو نعيم في "الحلية" ١/٢٤١، والحاكم في "المستدرك" ١/٢٧٣، وصحّحه شيخنا الألباني ﵀ في "الترغيب" ٢/٢٦٢، و"شرح الطحاوية" ٣٣٥، و"صحيح سنن أبي داود" ١٣٦٢، و"صحيح الجامع" ٧٩٦٩.
1 / 55